وربما يكون ما حل بالقطاع المصرفي اللبناني خير مثال على ذلك؛ فعلى الرغم من التحذيرات التي أطلقتها مؤسسات ومتخصصون اقتصاديون سابقاً، فإنَّ المؤسسات الدولية والحكومية تجاهلت تراكم الاختلالات والتحذيرات اللاحقة، واستمرت بتنفيذ سياساتها وإجراءاتها. وعندما وقعت الكارثة التي كان لها تأثيراتها المحلية والإقليمية والدولية، لم يحاسب أحد على وقوعها، كذلك الأمر بالنسبة إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية في سوريا، بدءاً من نهاية العام 2019، فالتوقعات الحكومية كانت تتحدّث عن دخول البلاد في مرحلة تعافٍ اقتصادي تدريجي إثر تمكّن الجيش السوري من استعادة مناطق واسعة من البلاد، فكان أن حدث العكس تماماً. يصبح الوضع أكثر تشاؤماً مع تزامن هذه السياسات والإجراءات مع تصاعد وتيرة الأزمات السياسية والنزاعات العسكرية التي يشهدها العالم في أعقاب الأزمة الأوكرانية، إذ تتهدد الاقتصاديات العربية مجموعة مركبة من الأزمات، تبدأ بارتفاع أسعار الغذاء عالمياً، وتراجع معدلات السياحة الوافدة إلى المنطقة، والمخاطر التي أصبحت تحيط بالاستثمارات والأرصدة العربية الموجودة في الخارج، وخصوصاً مع قيام بعض الدول بمصادرة الأرصدة والاستثمارات الروسية في الخارج وتجميدها بشكل يتنافى والضمانات التي كان الغرب يقدّمها للمستثمرين والمتعاملين المصرفيين الأجانب.
كنت ولا أزال مؤيداً لإقامة علاقات ثنائية طيبة، بل وقريبة، مع المملكة الأردنية. وأسباب ذلك متنوعة، وكلها تعود لمجال المصلحة العليا للدولتين. وكائنة ما كانت هذه الإرادة الحقيقية في الحفاظ على علاقات قريبة مع المملكة، ثمة خطوط حمراء محظور اجتيازها، وثمة إحساس بأن الأردن اجتازها. الملك يتحدث عن مؤامرة إسرائيلية لتقسيم الحرم بين اليهود والعرب، وهذا كذب؛ فقد أعلنت إسرائيل رسمياً بأن لا نية لهذا. أطلق الملك، بشكل غير مباشر، يد الأوقاف لإرسال ورقة غير رسمية للولايات المتحدة، طلبت فيها تغيير الوضع القائم ونقل إدارة كل الشؤون، بما فيها الأمنية داخل الحرم إلى يد الأوقاف. إسرائيل في الخارج. إن تهجم رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة على إسرائيل أمام أعضاء البرلمان، كان مؤذياً وكاذباً ومهيناً، وما استخدمه من تعابير متطرفة أمر لا يطاق. برغبته في الإعراب عن تأييده للمشاغبين الفلسطينيين، قال رئيس الوزراء الأردني إن اليهود يدنسون جبل البيت (الأقصى)، هذه لغة حادة، ليست في مكانها. هل السودان دولة عربية ١٩٨٨. كما استدعت عمان مندوب إسرائيل إلى حديث توبيخ. حاول الملك تجنيد العالم العربي – الإمارات ومصر – ضد إسرائيل. يبدو أن المملكة تراهن بكل الصندوق، وينبغي إيقاظها من حلمها.