الإكراه شيء آخر، الإكراه كونه يضرب على هذا، أو يهدد بهذا الشيء أنه يفعله، وهو غير مشروع، هذا هو الإكراه، أما كونه يطيع ولي الأمر في منشطه وفي مكره، وفي عسره ويسره، طاعة لله، ومحبة لشرع الله، هو مشكور، ولو أطاعه وهو يمشي على رجليه في الجهاد مشكور بهذا؛ لأنه يريد فضل الله وثوابه . ومعنى لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ [البقرة:256] تفسر بمعنيين: أحدهما: أن هذا كان قبل الجهاد، كان الناس لا يكرهون من دخل في الإسلام قبل، ومن أبى لا يقاتل، هذا أول الأمر، ثم شرع الله الجهاد للمسلمين، فمن دخل في الإسلام وإلا جوهد وقوتل؛ حتى يدخل في الإسلام أو يؤدي الجزية إن كان من أهلها، هذا قول. لا اكراه في الدين قد تبين. والقول الثاني: معناه لا إكراه في الدين بالنسبة إلى أهل الجزية من اليهود والنصارى والمجوس، لا إكراه عليهم، بل يلزمون بالإسلام، أو بالجزية، فهي آية مطلقة، مخصوصة بآية الجزية، وأدلة الجزية، فمعنى لا إكراه في الدين لأهل الكتاب والمجوس إذا أدوا الجزية؛ فلا يكرهون، بل تقبل منهم الجزية، ويقرون على دينهم حتى يهديهم الله فالمعنيان معروفان عند أهل العلم. المعنى الأول: أن هذا كان قبل شرع الجهاد، يعني لا إكراه، إذا اعتزلونا ولم يقاتلونا؛ اعتزلناهم ولم نقاتلهم، هذا في أول الأمر في مكة، وفي أول الهجرة، من قاتل قتلناه، ودافعنا، ومن لم يقاتل لم ندفعه، ولم نكرهه، هذا في أول الأمر.
بتصرّف. ↑ "تفسير الآية رقم 256 من سورة البقرة / تفسير ابن كثير" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-21. بتصرّف. ↑ سورة التوبة، آية: 73. ↑ فادي عبداللطيف (2013-10-29)، "لا إكراه في الدين " ، ، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-14. بتصرّف.
رغم كون ربنا عز وجل قال لا إكراه في الدين، إلا إن البعض يعتقد أنه يمكن إسلام المرء تحت ضغط إكراه المجتمع، أو بعبارة أخرى يمكن أن يسلم المرء تقليداً للمجتمع الذي تربى فيه.
حتى تتضح هذه النقطة أكثر، أقول إن الركن الأول من الإسلام هو شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمدا رسول الله، الفطرة التي فطر الناس عليها، هي إقرار لاشعوري بأن لا إله إلا الله، وليست شهادة فالمرء حين يولد لا يعلم شيئا. بينما ليكون مسلما إسلاما صحيحا عليه أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن يشهد أن محمدا رسول الله، وأن تكون شهادته مبنية على أدلة واضحة، وليست مجرد تقليد كما بين الحديث، هذا يعني أنه إذا سُئل عن الدليل الذي يثبت أن محمدا رسول الله، كانت عنده إجابة واضحة وقاطعة وشافية. الرد على المستشرقين يقول بعض المستشرقين أن الإسلام انتشر بحد السيف، وأن من دخل فيه إنما كان مكرها، وتبعهم في دعواهم من يجهلون الإسلام في ذلك، وقد استدلوا جميعا بقوله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إلا إله الله الحديث وطرقه ورواته تجده هنا.