فقد كان العرب -بحكم أنها لغتهم- يمكنهم التفريق بينها من سياق الكلام في حين أن غير العرب الذين دخلوا الإسلام لا يمكنهم التفريق بينها كما يحسنه العرب، ومن هنا جاء الإختلاف. كذلك لم يكن هناك علامات للتشكيل لتمييز المرفوع عن المنصوب أو المجرور. فقام عثمان رضى الله عنه بتشكيل لجنة من كَتَبَة الوحي أيام رسول الله صل الله عليه وسلم لنسخ القرآن من تلك النسخة التي تم جمعها في عهد الخليفة أبى بكر رضى الله عنه والتي كانت موجودة في بيت (أم المؤمنين حفصة رضى الله عنها) وأمرهم بعمل نسخ مدققة على أساس القراءة الثابتة والمتواترة عن الرسول صل الله عليه وسلم وهي قراءة أهل مكة. بحث حول القران الكريم معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم - بحوث. عن أنس بن مالك: أن حُذيفة بن اليمان قَدِم عَلى عثمان رضى الله عنه، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال لعثمان رضى الله عنه: أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل إلى أم المؤمنين حفصة رضى الله عنها: أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك، فأرسلت بها أم المؤمنين إلى عثمان رضى الله عنه، فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف.
كان زيد بن ثابت رضي الله عنه يقول (فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان بأثقل علي ممّا كلفني من جمع القرآن)، وتم بالفعل تجميع القرآن الكريم من كُتاب الوحي، وممّا كتبه الصحابة رضي الله عنهم، وكانت لجنة جمع القرآن لا تأخذ المكتوب من القرآن إلا بحضور شاهدين يشهدان على كتابة الآيات أمام النبي عليه الصلاة والسلام، وهكذا تم تجميع القرآن على قطع متناسقة متساوية في الحجم، وتم ترتيب الآيات والسور بطريقة توثيقية لم يُرى لها مثيل، ووضع المصحف في بيت أبي بكر الصديق إلى أن توفي، ثم في بيت عمر رضي الله عنه إلى أن توفي ثم في بيت أم المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنها. جمع القرآن الكريم في عهد عثمان بن عفان كانت تلك المرحلة في عهد عثمان بن عفان، وكان الجمع الذي حدث في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه جمع للقرآن على حرف واحد، ويرجع هذا إلى وجود خلافات حدثت بين المسلمين في مختلف الأمصار بعد أن اتسعت رقعة الدولة الإسلامية، ودخل الناس من مختلف المناطق في الإسلام، وكان هناك اختلاف في قراءة بعض المناطق على الآخرى، لإن القرآن نزل على سبعة أحرف، فيجوز قراءته بأي حرف منها. لم يكن الناس يعلمون بأن القرآن نزل على سبعة أحرف، فأخذ يشك كل فريق منهم بقراءة الآخر، ويظن أنها قراءة خاطئة، وعندما سمع حذيفة بن اليمان ما دار بين الناس من الكلام عن القرآن أسرع إلى خليفة المسلمين عثمان بن عفان وقال له " أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى".