ترجمة سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب من أرومة [1] الشرف، وبيت الخلافة والعلم، أخذ العلم من مصدره فنبغ في الحديث والفقه، حتى صار مفتيًا في المدينة المنورة، ولازم والده وأشبه جده، وروى عن كبار الصحابة رضوان الله عليهم، وزهد في الحياة وسار على نهج أبيه في طلب العلم وتعليمه، وفي البعد عن مباهج الحياة ورونقها، وفي إعطاء نفسه كلها للعلم. روى عنه جماعة كثيرون. لم يكن مظهره يدل عليه؛ لأنه متقشف يعمل حاجاته بنفسه، ويبدو كأنه عامل غير مهتم بنفسه ومظهره. ومن ألطاف ما حصل له؛ أن جماعة من مصر يسمعون بسالم وعلمه وفضله، فقصدوا المدينة لذلك، وسألوا عن بيته فدُلوا عليه، فطرقوا الباب، فسمعوا رغاء بعير، فبينما هم كذلك خرج عليهم رجل شديد الأزمة، متزر بكساء صوف إلى ثندوته. فقالوا له مولاك داخل؟ قال: من تريدون؟ قالوا: سالمًا. قال: فلما كلمهم جاء شيء غير المنظر، قال: من أردتم؟ قالوا: سالمًا. قال: ها أنا ذا. فما جاء بكم؟ قالوا: أردنا أن نسألك. قال: سلوا ما شئتم، وجلس ويده ملطخة بأثر البعير. فسألوه عما أعدوا من المسائل التي يرون أن جوابها صعب فأجابهم على الفور. واستمر كذلك حتى كان يحمل الشملة من السوق إلى البيت على ظهره ورأسه، ولا يكلف من يحملها.
4/715- وعن سالم بنِ عَبْدِاللَّه بنِ عُمَرَ: أَنَّ عبدَاللَّه بنَ عُمَرَ رضي اللَّه عنهما كَانَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا: ادْنُ مِنِّي حَتَّى أُوَدِّعَكَ كمَا كَانَ رسولُ اللَّه ﷺ يُودِّعُنَا فيقُولُ: أَسْتَوْدِعُ اللَّه دِينَكَ، وَأَمانَتَكَ، وخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. 5/716- وعن عبدِاللَّهِ بنِ يزيدَ الخَطْمِيِّ الصَّحَابيِّ قَالَ: كَانَ رسولُ اللَّه ﷺ إِذا أَرَادَ أَنْ يُوَدِّعَ الجَيْشَ قالَ: أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكُمْ، وَأَمَانَتكُم، وَخَوَاتِيمَ أَعمَالِكُمْ حديثٌ صحيحٌ، رواه أَبُو داود وغيرُه بإِسنادٍ صحيحٍ. 6/717- وعن أَنسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رسُولَ اللَّه، إِني أُرِيدُ سَفَرًا، فَزَوِّدْني، فَقَالَ: زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى ، قَالَ: زِدْني، قَالَ: وَغَفَرَ ذَنْبَكَ ، قَالَ: زِدْني، قَالَ: وَيَسَّرَ لكَ الخيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه. أما بعد: فقد سبق في الأحاديث ما يدل على شرعية التَّواصي بالحق والتناصح، وأن المؤمن ينصح أخاه ويُوصيه بالخير، ويدعو له في سفره وإقامته، ومن السنة عند السفر أن يقول له: أستودع الله دينك، وأمانتك، وخواتيم عملك كما في حديث ابن عمر، وحديث عبدالله بن يزيد الخطمي، يعني: أجعل هذا كله وديعةً عند الله، يحفظها الله: دينك، وأمانتك، وخواتيم عملك، يعني: يسأل الله أن يحفظها عليه، فهذا من السنة إذا ودَّع أخاه يقوله.
سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب أبو عمرو الفقيه، أحد الفقهاء وأحد العلماء. وله روايات عن أبيه وغيره، وكان من العباد الزهاد، ولما حج هشام بن عبد الملك دخل الكعبة فإذا هو بسالم بن عبد الله، فقال له: سالم؟ سلني حاجة، فقال: إني لأستحي من الله أن أسأل في بيته غيره، فلما خرج سالم خرج هشام في أثره، فقال له: الآن قد خرجت منٌ بيت الله فسلني حاجة، فقال سالم: من حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة؟ قال: من حوائج الدنيا، فقال سالم: إني ما سألت الدنيا من يملكها، فكيف أسألها من لا يملكها. وكان سالم خشن العيش، يلبس الصوف الخشن، وكان يعالج بيده أرضا له وغيرها من الأعمال، ولا يقبل من الخلفاء، وكان متواضعا وكان شديد الأدمة وله من الزهد والروع شيءٌ كثيرٌ.
النصر: سجل أدريان ومحمد السهلاوي وحسين عبدالغني ويحيى الشهري ومحمد حسين ومحمد عيد، وأضاع شايع شراحيلي.