ومن المعروف تساهل ابن حبان في التوثيق ، ولاسيما والرجلان لا يُعرفان إلا بهذا الإسناد " انتهى من " سلسلة الأحاديث الصحيحة" (6/1181). ثم اختار الشيخ الألباني رحمه الله تعالى تحسين الحديث بهذه الشواهد. والذي يظهر أن ما ذهب إليه الحافظ ابن حجر وغيره من العلماء من تضعيف الحديث: أرجح ، حيث إن طرقه لا تخلو من ضعف لا يقوى على الانجبار. وممن ضعف الحديث من العلماء المحققين: ابن طاهر المقدسي في " ذخيرة الحفاظ" (1/457) ، والنووي في "المجموع" (2/154) ، وابن دقيق العيد في " الإمام" (1/417) ، والذهبي في " " تنقيح التحقيق" (2/264) ، والحافظ ابن كثير في " إرشاد الفقيه" (1/34) ، والحافظ ابن حجر في "التلخيص" (2/168) ، والسيوطي في "الجامع الصغير" (1580) ، والمباركفوري في "تحفة الأحوذي" (2/529) ، والشوكاني في "الفتح الرباني" (9/4507). متى قتل حمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم - أجيب. ثانياً: استحب جمهور العلماء للكافر إذا أسلم: أن يحلق شعر رأسه. ينظر: "الموسوعة الفقهية" (18/101). قال السِّنْدي: "حملوا الأمر على الاستحباب ، فقالوا: يستحب إذا أسلم الكافر أن يزيل شعره بحَلْقٍ أو قصر، والحلق أفضل" انتهى من "حاشية مسند الإمام أحمد" (8/292). وقال النووي: " يُسْتَحَبُّ لِلْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ أَنْ يَحْلِقَ شَعْرَ رَأْسِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ" انتهى من "المجموع شرح المهذب" (2/154).
أمّا عمّه أبو طالب فهذا لوحده قصة ملاذ آمن، يجير من يستجير به، ويرتاح إلى عرينه كل طريد، ويأوي إليه كل مستضعف يبتغي الأمان والنصرة والتأييد. فما كان أبو طالب ليقّصر في نصرة النبي، والذود عنه في أحلك مراحل الدعوة الإسلامية، وما كان ليسلمه إلى عتاة قريش وطغاتها ممن أرادوا طمس دعوته، والاستهزاء والسخرية بدينه وإيمانه. إنها إرادة الله عزوجل في رسله وأنبيائه.. أبت أن تُفرد النبي الكريم، أو تدعه بلا مُعين يعضده في حمل همّ الرسالة وثقل التبليغ. فشاءت إرادته عز اسمه أن توجد عزاء لذلك العذاب المتأتي لنبيه من عمه الكافر أبي لهب، بنصرة فريدة بطلها عم آخر رحيم ودود ألا وهو مؤمن آل قريش وكافل النبي، وظهيره الذي يستقوي به لمواجهة كفرة قريش ورعاعها.. فكان أبو طالب نعم الظهير ونعم النصير.
وهكذا قال عبد الله بن عباس وابن عمر ومجاهد والشعبي وقتادة: إنها نزلت في أبي طالب، حين عرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: لا إله إلا الله. وروى البخاري من حديث عباس بن عبد المطلب أنه قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ما أغنيت عن عمك، فإنه كان يحوطك ويغضب لك قال: هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار. وروى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عنده عمه فقال: لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه. وفي رواية: تغلي منه أم دماغه. وروى مسلم من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أهون أهل النار عذابًا أبو طالب، وهو منتعل بنعلين يغلي منهما دماغه. وأما سماحه صلى الله عليه وسلم ببقاء فاطمة بنت أسد في عصمة أبي طالب، فإن ذلك كان قبل تحريم بقاء المؤمنات تحت الكفار، لأن أبا طالب مات عام الحزن، وهو قبل الهجرة بثلاث سنين، وتحريم بقاء المؤمنات في عصم الكفار نزل في صلح الحديبية عام ستة من الهجرة. أخرج الشيخان عن المسور ومروان بن الحكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عاهد كفار قريش يوم الحديبية جاءت نساء من المؤمنات، فأنزل الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ... {الممتحنة:10}، إلى قوله تعالى:... وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ.