فإن كان تشييء المرأة يعود على الرجل بعدد من المكاسب، المادية بطبيعة الحال، فينبغي عليه استكشاف تأثير ذلك في علاقته بشريكته. يجادل غاديس هنا بأن التعامل المادي مع المرأة يؤذي الرجل، أكثر من غيره، على المدى البعيد. إن كان تشييء المرأة يعني للرجل إرضاء الأنا، والترويح عن النفس، وتنفيس الكبت، وتجنب الخوف من انقراض النوع، فينبغي أيضًا وضع موقف المرأة نفسها من هذه المسألة في الاعتبار. نظرات الرجل لجسد المرأة - موقع كريم فؤاد. فمن الضروري للرجال إدراك مدى ما تشعر به المرأة من ألم وإهانة وهي تلاحظ نظرات الرجال تخترق جسدها، حتى وإن أبدت بعض النساء رغبتهن في أن يبدي الرجال إعجابهم بهن، إلا أنهن في النهاية لا يردن أن يعاملن كأشياء. إن أجسادنا، وهي جزء من هويتنا، لا يجب أن تحتل المساحة الأكبر في تعريفنا، وتعريف غيرنا لنا.
وكانت معالجة "سيمون دي بوفوار" في كتابها "الجنس الآخر"، لمفهوم المرأة -كما تشكله الثقافة بوصفها "آخر"- هي التي أرست دعائم معظم الأعمال النظرية التي ظهرت في السبعينيات، فكان مما كتبته أن المرأة لا تولد امرأة، بل تصير امرأة، فليس ثمة قدر بيولوجي، أو نفسي، أو اقتصادي، يقضي بتحديد شخصية المرء كأنثى في المجتمع، ولكن مجموع الظروف الحضارية هي التي تكوّن هذا المنتوج المتوسط بين الذكر والخصي، ويوصف بأنه مؤنث، ذلك أن فئة الآخر جوهرية في صوغ الذات الإنسانية بكاملها، لأن إحساسنا بالذات لا يمكن أن يتكون إلا في مقابل شيء آخر غير الذات. لكن الرجال يستولون على فئة الذات أو الفاعل، ويجعلونها حكرًا عليهم، وينزلون المرأة منزلة الآخر إلى الأبد. Yacine Bakhti: المرأة وتخلف نظرة المجتمع العربي لها. ومن ثم، فإن فئة "المرأة" ليس لها وجود حقيقي، بل هي مجرد إسقاط لخيالات الذكر (أسطورة الأنثى الأبدية) ومخاوفه. ولكن نظرًا لأن كل التمثيل الثقافي للعالم المتاح لنا حاليًا- سواء في صورة الأسطورة أم الدين أم الأدب أم الثقافة الشعبية- من عمل الرجل، بل إن المرأة الحقيقية مطالبة بأن تقبل أنها "آخر" بالنسبة إلى الرجل، ويفرض عليها أن تجعل من نفسها مفعولًا وأن تنبذ استقلالها الذاتي.
يمكننا أن نشاهد ببساطة مواقفنا السيئة ضد المرأة، رغم أننا دائمًا ما ندعي المساواة والرقي في التفكير والتعامل، نحن المجتمعات العربية على عكس المجتمعات الغربية، في المجتمعات الغربية يفكر الشاب بالزواج بعد أن يدرس، ويكون نفسه، ويتخرج، ويحصل على عمل، وعلى مبلغ معتبر مالي يبدأ به حياته، نحن عندنا العكس، إذا كان الشاب منحرفًا خريج سجون يزوجونه أهله من أجل أن يستوي ويسوي وضعيته، وعلى قول الشارع «نزوجوه باه يعقل»، عندنا الشاب يكبر على فكرة «المرأة تجييب معها رزقها»، وعلى هذا الأساس يتزوجها، يتزوجها ليأكل رزقها وبعدها يفكر بأن يواصل معها بالعبارة الشهيرة «ربي يفرج».
وأكد آخر أنه لا يجد حرجًا في الإفصاح عن شهوته تجاه النساء، فهو أمر طبيعي. لكن من يجب أن يخجل هو من يعتقد أن النساء لا يصلحن سوى للجنس، إضافة إلى أن حبه للنساء والنظر إليهن لا يعني بالضرورة أنهن أشياء. قد يهمك أيضًا: المرأة كبضاعة: زوجات تُباع وتشترى استمتعت؟ استعد للثمن إذًا أدركت شركات الدعاية حقيقة أن كل رجل لديه نسبة من النظرة المادية للمرأة، فاستخدمت هذه الشركات النساء لجذب انتباه الرجل. تناول غاديس الآراء حول مسألة تشييء المرأة بالبحث والدراسة، مضيفًا إليها تجارب أصدقائه الرجال وخبراتهم، لينتهي إلى أسباب محددة لتشييء المرأة. يأتي على رأس تلك الأسباب الطبيعة الجنسية للإنسان، فالرجال بفطرتهم يميلون على الدوام إلى البحث عن الشريك الجنسي الذي يستقبل نُطَفَهم الناقلة لجيناتهم عبر الأجيال، وهم يجدون في هذه العملية المتعة والراحة، وربما المجد أيضًا. تأتي في المقام الثاني التنشئة. فالغريزة الجنسية وحدها لا تعني بالضرورة أن ينظر الرجل إلى المرأة كشيء، بل تلعب الثقافة ومدى التطور الحضاري الذي مر به الرجل دورًا أساسيًّا في تعزيز تلك النظرة أو تخفيفها. فكلما قلَّ مستوى التطور الحضاري والثقافي للرجل ظهرت نظرته الحيوانية إلى المرأة.
هل يثار الرجل عند رؤية حبيبته يحب الاستماع إليها: يعرف عن النساء بأنهن مستمعات افضل بكثير من الرجال، الا ان الشيء الغريب أن الرجال الذين يحبون بصدق يفكرون في المرأة التي يحبونها بطريقة مختلفة، يتصرف على عكس طبيعته كرجل، يحب الاستماع لها، ويركز على كلامها باهتمام، ويرغب في سماع المزيد منها، ويستجيب ويتفاعل مع ما تقول، وهذه من أقوى العلامات التي تشير إلى أن الرجل يكون مغرم بصدق بهذه المرأة. يتمنى أن تكون معه معظم الوقت: الرجل المحب يحب أن يقضي مع المرأة التي يحبها وقت أطول، ولا يرغب في الانفصال عنها أبدًا، ويتوق لرؤيتها كل وقت حتى لو كان قد تركها منذ قليل، لذا سيحب قضاء الكثير من الوقت معها إن كانت زوجته، أما إن كانت خطيبته فحتمًا سيطلب مقابلتها دائمًا وسيدعوها للخروج، أو ستجده يأتي إلى المكان الذي تتواجد فيه، سواء مكان عملها أو منزلها، وحينما تنتهي مقابلاتهما ويعود كلًا منهما إلى منزله سيسألها بعد فترة قصيرة متى يمكنهما الالتقاء مرة أخرى، لذا سيكون جهده في محاولة قضاء الوقت معها واضح جدًا، وهذا من أقوى أعراض الحب عند الرجل. كيف ينظر الرجل للمرأة عندما يقرر الزواج منها كشفت دراسة حديثة أن ما يثير إعجاب الرجل في المرأة يختلف بحسب نوع العلاقة التي يرغب في إقامتها معها، فاهتمام الرجال بوجوه النساء وأجسامهن، يختلف إن كانوا يرغبون بإقامة علاقة طويلة الأمد أو قصيرة الأمد.
[1] عبد الوهاب المسيري، قضية المرأة بين التحرير والتمركز حول الأنثى (القاهرة: نهضة مصر للنشر والطباعة والتوزيع،2010)، ص29 [2] المرجع نفسه، ص 30.