العرب تقول: ثبت العرش ثم انقش. إذا كنت أخي الكريم غير مستعد للزواج وأنت طالب، ولا بعد الجامعة مباشرة، فهذا يعني أنك تتعب نفسك، وتجهدها بأمور فوق طاقتها، وحتما ستأخذ من وقتك ما يشغك عن هدفك، وكان الأولى بك والحال كذلك أن تنتبه لجامعتك حتى تنتهي منها أولا، ثم بعد ذلك تشق طريقك وأنت واثقا من نفسك. نرجو ألا تغضبك المقدمة تلك، لأننا رأينا بأعيينا، وسمعنا بآذاننا عن شباب كانوا صالحين مثلك، لكنهم لما أضاعوا أهدافهم، وانساقوا خلف نوايا طيبة؛ خسروا جامعاتهم ولم يوفقوا إلى ما أرادوه، وبعضهم يراسلنا وهو يبكى ويقول: كل شيء ضاع مني، أهلي، ودراستي، وحتى الفتاة التي كنت أحبها لم يوافق أهلها على الارتباط بي لأني غير مستعد ولا أنهيت دراستي، ثم يدخل في دوامة كان في غنى عنها لو كان هدفه من البداية واضحا، ولم يشغله عنه شاغل.
أما الدوافع فهى تختلف حسب الثقافة العامة، والثقافة الفرعية، وأيضا حسب نشأة كل واحد، والفروق الفردية، لا يمكن تعميم الكلام عن الدوافع هكذا للجميع مرة واحدة. – الشذوذ الجنسى مرض نفسى أم عضوى؟ فى التقسيمات الأحدث (القريبة أساسا) لم يعد الشذوذ الجنسى يعتبر مرضا نفسيا، بل إن فرويد نفسه لم يعتبره كذلك، لكن مجتمعنا والمجتمعات التى مِثْلها تعتبره انحرافا غريبا وخاصة أنه مازال نادرا، لكن يمكن أن يتراجع هذا الموقف – للأسف – إذا زاد انتشاره كما هو جار فى المجتمعات الغربية التى لم يتوقف الأمر على قبوله اجتماعيا، بل إنه جارى تسويقه والدفاع عنه علانية بشكل ما. – لاحظنا أن كثيراً من الشواذ جنسيا ناجحين فى حياتهم، فهل لهذا المرض دخل فى هذا؟ لا يمكن الجزم بذلك إلا باحصاء دقيق، وأيضا لابد من تحديد معنى "النجاح"، لكن لا يوجد هناك تعارض بين السلوك الجنسى الشاذ وبين النجاح بصفة عامة، وخاصة النجاح فى بعض مجالات الفن وربما الإبداع، لكن لابد من التنيبه أنه لا توجد علاقة سببية بمعنى أن الشذوذ ليس سببا فى النجاح ولا أن النجاح هو تعويض مثلا للشذوذ، ربما تكون المسألة مصادفة، وربما تكون تعويضا وربما تكون نتيجة لمساحة الحرية التى سمح الشاذ لنفسه بها، ثم إن هناك كثيرا من الشواذ فى منتهى الفشل وخاصة فى مجتمعنا، ربما نتيجة للشعور بالذنب أو بالعار، كل شئ وارد.