فعندما أروى عن تلميذي أو أأخذ بعض العلم عن تلميذي لا يضرني هذا ، لأن تلميذي عنده من العلم مما هو ليس عندي ، فأنا عندما تواضعت وانخفضت أخذت علم الآخرين إلى علمي ، هذا معنى الافتقار وليس من الفقر ، ولكن هو هضم حظ النفس أي التواضع.
النوع الثاني: وهو أنبل وأعظم، وهو الذي يسميه العلماء: الرحلة في طلب العلم، أن يغترب المرء عن بلده وأولاده لطلب العلم، وعلماء الحديث أعظم الناس منة على هذه الأمة بهذه الرحلة، فأكثر الناس رحلة هم علماء الحديث، فكم من ليالٍ افترشوا فيها الغبراء والتحفوا السماء! وفارقوا الأهل والأوطان والديار في سبيل تحرير لفظة واحدة أنت لا تقيم لها الآن وزناً!!. قال: (وتلقين أستاذ) أي: الأخذ على المشايخ، وعدم الأخذ من الكتب، وكانوا يقولون: لا تأخذوا القرآن من مصحفي ولا العلم من صحفي. صفات طالب العلم - ملف الإنجاز الإلكتروني. لأنك عندما تأخذ العلم من الصحف أو من الكتب فقد يخطئ الناسخ في نقطة واحدة فيتغير معنى الكلام، وعلماء الحديث لهم كتب في ذلك حصدوا بها الكتب المصحفة، مثل كتب التصحيف والغلط في الكتاب. فإن: القرآن الكريم الذي نقلته الأجيال عن الأجيال، بأعلى درجات التواتر، نجد من يخطئ في قراءته. فتجد طالب العلم بعد ضياع المدققين يقرأ في الكتب، ويخطئ في فهم كثير من الأشياء. فكان لابد من الدراسة على أيدي المشايخ، فقد أصبحت ضرورة أكثر من أي عهدٍ مضى؛ لأن الطالب لا يميز الصحيح من التصحيف. والأخذ عن الشيوخ له ثلاثة فوائد: يقصر لك العمر، ويسدد لك الفهم، ويرزقك الأدب.
إن العالم الإسلامي واجه مثل هذه الأمور في القرن الثاني بعد التابعين وتابعيهم عندما قال قوم بخلق القرآن ، وماذا نتج عن ذلك ، وكيف كان الإمام أحمد وأمثاله يعالجون هذه القضية بحكمة وبصيرة إلى أن وفقهـم الله فصبروا وكان صبرهم عن علم حتى اتضح الحق وانجلى وافتضح الباطل واندمر.