( ذلك أزكى لهم) أي: أطهر لقلوبهم وأنقى لدينهم ، كما قيل: " من حفظ بصره ، أورثه الله نورا في بصيرته ". ويروى: " في قلبه ". تفسير الآية الكريمة { وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنّ }. وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عتاب ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا يحيى بن أيوب ، عن عبيد الله بن زحر ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة [ أول مرة] ثم يغض بصره ، إلا أخلف الله له عبادة يجد حلاوتها ". وروي هذا مرفوعا عن ابن عمر ، وحذيفة ، وعائشة ، رضي الله عنهم ولكن في إسنادها ضعف ، إلا أنها في الترغيب ، ومثله يتسامح فيه. وفي الطبراني من طريق عبيد الله بن زحر ، ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة مرفوعا: " لتغضن أبصاركم ، ولتحفظن فروجكم ، ولتقيمن وجوهكم - أو: لتكسفن وجوهكم ". وقال الطبراني: حدثنا أحمد بن زهير التستري قال: قرأنا على محمد بن حفص بن عمر الضرير المقرئ ، حدثنا يحيى بن أبي بكير ، حدثنا هريم بن سفيان ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن النظر سهم من سهام إبليس مسموم ، من تركه مخافتي ، أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه ".
وما أجمل تلك المؤمنة التي تكون غاضّة مُطرقة! قد تدثَّرت بثوبِ الحياة! وما أسبغه من ثوب وما أعظمه من خلق! وفي الختام ضعي نصب عينيك حديث الصحيحين: (كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محاله: العينان تزنيان وزناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، اللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطى، والقلب يهوي ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه)، وقال صلى الله عليه وسلم: (العينان تزنيان، واليدان تزنيان، والرجلان تزنيان، والفرج يزني)[3] ------------------------------------------------------------ [1] سورة النور: 21 [2] سورة الحشر:16-17 [3] رواه أحمد والطبراني بسند جيد عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ كشف الخفاء للعجلوني 2/77.
هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم عما حرم عليهم ، فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه ، وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم ، فإن اتفق أن وقع البصر على محرم من غير قصد ، فليصرف بصره عنه سريعا ، كما رواه مسلم في صحيحه ، من حديث يونس بن عبيد ، عن عمرو بن سعيد ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، عن جده جرير بن عبد الله البجلي ، رضي الله عنه ، قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم ، عن نظرة الفجأة ، فأمرني أن أصرف بصري. وكذا رواه الإمام أحمد ، عن هشيم ، عن يونس بن عبيد ، به. ورواه أبو داود والترمذي والنسائي ، من حديثه أيضا. وقال الترمذي: حسن صحيح. وفي رواية لبعضهم: فقال: " أطرق بصرك " ، يعني: انظر إلى الأرض. والصرف أعم; فإنه قد يكون إلى الأرض ، وإلى جهة أخرى ، والله أعلم. وقال أبو داود: حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري ، حدثنا شريك ، عن أبي ربيعة الإيادي ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: " يا علي ، لا تتبع النظرة النظرة ، فإن لك الأولى وليس لك الآخرة " ورواه الترمذي من حديث شريك ، وقال: غريب ، لا نعرفه إلا من حديثه. وفي الصحيح عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إياكم والجلوس على الطرقات ".