((وعامتهم)) بأن يحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه، وإرشادهم وإصلاحهم؛ من تعليم ما يجهلونه من أمر الدين، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وكف الأذى عنهم، وستر عوراتهم، وتوقير كبيرهم، والشفقة على صغيرهم. الفوائد من الحديث: 1 - الدين الإسلامي كله قائم على التناصح والنصيحة. 2 - النصيحة من الإيمان. 3 - النصيحة كلمة جامعة لخيري الدنيا والآخرة، بل هي رسالة الأنبياء إلى أممهم، فما من نبي إلا نَصَحَ أمته. 4 - انحصار الدين في النصيحة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدين النصيحة)). 5 - تحريم الغش؛ لأنه إذا كانت النصيحة الدين فالغش ضد النصيحة، فيكون على خلاف الدين، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من غشنا فليس منا)) [9]. [1] السير (2/ 442) الإصابة (1/ 183 رقم 837) أسد الغابة (1/ 256 رقم 515) طبقات ابن سعد (6/ 254 رقم 1274) و(9/ 412 رقم 4552) الاستيعاب (1/ 184). [2] المجالس السنية (55). [3] التعيين شرح الأربعين للطوفي (105). [4] سبل السلام (4/ 404 ح 1442). [5] شرح مسلم للنووي (2/ 32 ح 55). شرح حديث الدين النصيحة. [6] بهجة قلوب الأبرار (18). [7] شرح السنة للبغوي (13/ 95). [8] نفس المصدر السابق.
مات سنة أربعين، ودفن ببيت جبرين (قرية من قرى الخليل بفلسطين) [1]. منزلة الحديث: هذا حديث عظيم الشأن، وعليه مدار الإسلام لا يجاوزه؛ لكثرة معانيه، بل قالوا: ليس في كلام العرب كلمة مفردة يستوفى بها المعنى المراد هنا غير النصيحة [2]. قال الطوفي - رحمه الله -: واعلم أن هذا الحديث وإن أوجز في العبارة فلقد أعرض في الفائدة، وهذه الأحاديث الأربعون وسائر السنن داخلة تحته، بل تحت كلمة منه، وهي ((ولكتابه))؛ لأن الكتاب مشتمل على أمور الدين جميعًا، أصلًا وفرعًا واعتقادًا، فإذا آمن به وعمل بما يضمنه على ما ينبغي فقد جمع الكل [3]. قال العلماء: إنه من أحد الأحاديث الأربعة التي يدور عليها الإسلام [4]. قال النووي - رحمه الله -: هذا حديث عظيم الشأن، وعليه مدار الإسلام، وأما ما قاله جماعات من العلماء: إنه أحد أرباع الإسلام؛ أي: الأحاديث الأربعة التي تجمع أمور الإسلام - فليس كما قالوا، بل المدار على هذا وحده [5]. غريب الحديث: الدين: دين الإسلام: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19]. النصيحة: هي الإخلاص، وبذل الوُسع في إرادة الخير. شرح حديث الدين النصيحة. أئمة المسلمين: العلماء والأمراء، وأهل الحل والعقد. عامتهم: سائر المسلمين.
والنَّصيحةُ لعامَّةِ المسلمين تكونُ بتَعريفِهم بأوامرِ اللهِ ورَسولِه وبشَرائعِ الدِّين، وبالعملِ على ما فيه نَفعُهم وصَلاحُهم، وإبعادِ الضَّررِ عنهم، وأمرِهِم بالمَعروفِ، ونَهيِهِم عنِ المُنكَرِ برِفقٍ وإخلاصٍ، والشَّفَقةِ عَليهِم، وتَوقيرِ صَغيرِهم، وتَخَوُّلِهم بالمَوعِظةِ الحَسَنةِ، وتَركِ غِشِّهِم وحَسَدِهم، وأن يُحِبَّ لهم ما يُحِبُّ لنَفسِه منَ الخَيرِ، ويَكرَه لهم ما يَكرَه لنَفسِه منَ المَكروهِ، والذَّبِّ عن أموالِهِم وأعراضِهِم، وغَيرِ ذلك ممَّا فيه صَلاحُ النَّاسِ في دِينِهم ودُنياهم. وفي الحديث: بَيانُ أنَّ جَوهرَ الدِّينِ يَظهَرُ في التَّناصُحِ بين المسلمين بالمعروفِ. وفيه: الحثُّ على النُّصحِ لكافَّةِ المسلمين بكلِّ مُستوياتِهم بَدأً من رأسِ الدَّولةِ حتى عامَّةِ النَّاسِ.