وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) «وَهُزِّي» الواو عاطفة وأمر مبني على حذف النون والياء في محل رفع فاعل «إِلَيْكِ» متعلقان بهزي «بِجِذْعِ» الباء زائدة ومفعول به مجرور لفظا منصوب محلا «النَّخْلَةِ» مضاف إليه «تُساقِطْ» مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب والفاعل مستتر «عَلَيْكِ» متعلقان بتساقط «رُطَباً» مفعول به «جَنِيًّا» صفة.
المسألة الثانية: نستدل من خلال الآية أن الرزق وإن كان محتوماً، فإن الله تعالى قد وكّل ابن آدم إلى السعي للحصول على رزقه، لأنه أمر مريم بهز النخلة لترى آية، وكانت الآية تكون بألا تهز.
تفسير: ( وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا) ♦ الآية: ﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: مريم (25). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَهُزِّي ﴾ وحركي ﴿ إِلَيْكِ ﴾ إلى نفسك ﴿ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ ﴾ النخلة ﴿ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ﴾ غضًّا ساعة جني؛ وذلك أن الله تعالى أحيا لها تلك النخلة بعد يبسها، فأورقت وأثمرت وأرطبت.
فمريم العذراء كانت امرأة متبتلة عابدة منقطعة عن البشر، فجاءها الملك فبشرها بغلام فتعجبت من أين يأتي هذا الغلام ولم يمسها بشر وهي الطاهرة العفيفة، سؤال في منتهى التعجب! أراد الله تعالى أن يأتيها الجواب مشاهداً أمام عينها، لتأنس ولتطمئن بما تراه من لطف الله بها وأن الله لن يتخلى عنها، فجاءها المخاض إلى جذع نخلة رأسه يابس نخر وفي أيام الشتاء، حيث لا يثمر النخيل، جاءها الأمر بأن تهز جذع النخلة حتى يتساقط إليها الرطب من هذا الجذع اليابس ومعلوم أن النخلة لا تثمر في الشتاء وأن النخلة الوحيدة من بين الأشجار لا تثمر إلا بوساطة التلقيح »التأبير« وهو أخذ الطلع من الشجرة الذكر ووضعه في طلع الشجرة الأنثي.
الأمر بهزِّ الجذع يعني الأمر بدفعه وجذبه لغرض تحريكه وهذا لا يسترعي جهداً مضنياً لا تستطيعه المرأة في حالات الطْلق بل إنَّ المرأة في هذه الحالة قد تُمسك بما حولها من ثيابٍ أو مقبض أو يد إنسان بقوة وتجذبه إليها وقد تدفعه عنها بيديها ورجليها فإنها بذلك تُنفَّس عن شيءٍ مما تشعر به من ألم الطْلق. على أنَّ الأمر بهزِّ الجذع لا يعني أنَّ المطلوب هو اهتزاز الجذع بجذبها إياه أو دفعه، فغاية ما هو مطلوب منها هو أن تدفع بيديها أو رجليها الجذع وليس ذلك مما لا تقوى الحبلى في ظرف الطلق أو بعده على فعله. ثم إنَّ الظاهر من مساق الآية المباركة أنَّ الأمر بهزِّ الجذع كان بعد الوضع ولم يكن أثناء الطْلق.
المسألة الرابعة: قال الربيع بن خيثم: ما للنفساء عندي خير من الرطب لهذه الآية، ولو علم الله شيئا هو أفضل من الرطب للنفساء لأطعمه مريم، ولذلك قالوا: التمر عادة للنفساء من ذلك الوقت وكذلك التحنيك، وقيل: إذا عسر ولادتها لم يكن لها خير من الرطب.