سورة يوسف هذه السورة هي أسلوب فذّ فريد في ألفاظها وتعبيرها و أدائها وفي قصها الممتع اللطيف تسري مع النفس سريان الدم في العروق وقد جاءت طرية ندية في سياق ممتع لطيف يحمل جو الأنس والرحمة والرأفة والحنان.
شرح الله تعالى في سورة يوسف ما يتمتع به عليه السلام من جمال يفوق الوصف، وهو ما كان سببًا في انجذاب امرأة العزيز نحوه، حين شغفها حبًا، كذلك تقطيع النسوة أيديهن لمّا رأينه وأكبرنه، وقولهن بشأنه: "ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم". في السنة النبوية الشريف عدة أحاديث في وصف سيدنا يوسف عليه السلام، منها ما روي عن أبي سعيد الخدري، بقوله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مررت ليلة أسري بي إلى السماء، فرأيت يوسف، فقلت: يا جبريل من هذا؟ فقال: هذا يوسف.. قالوا: كيف رأيته يا رسول الله، قال: كالقمر ليلة البدر. وفي رواية عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " هبط جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد إن الله تعالى يقول لك: كسوت حُسن يوسف من نور الكرسي، وكسوت وجهك من نور عرشي". وفي الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم، برواية أنس بن ثابت: "أُعطي يوسف وأمه شطر الحسن". ولابن أبي إسحاق بن عبد الله، وصف جيد لحُسن سيدنا يوسف عليه السلام، يقول فيه: كان إذا سار في أزقة مصر يُرى تلؤلؤ وجهه على الجدران، كما يُرى نور الشمس والقمر.
إثبات أن قدرة الله هي الغالبة فلا يقف في طريقها شيء، وأن جميع مآلات الأمور في إرادة الله -تعالى-. التأكيد على أن من سنّة الله في الأرض معاقبة المكذبين والظالمين. بيان أن الابتلاء والشقاء قد يأتي من جهة أقرب الناس. التأكيد على حقيقة الوحي في قلوب المؤمنين وغيرهم. بيان أهمية كرامة الإنسان ، والابتعاد عن التزلّف والتذلل للغير. التصدي للشهوات بالإيمان والتأكيد على أن الحصول على مرتبة عالية من الإيمان هو الذي يُساعد المسلم على التصدّي للشهوات، والسيطرة على النزوات، وأن اليقين بالله -تعالى- هو ما يُثبت الإيمان ويزيدهُ في نفس المسلم. أكّدت السورة على أن العاقبة لمن يثبت على الحق من المؤمنين ، الذين يصبرون على ابتلاء الله لهم بمختلف أنواعه وألوانه. بيان أن طريق الحق فيه شدائد ومصائب وأنه مليء بالعقبات، وأن ما يعين الإنسان عليها هو تمسّكه بالله -تعالى- والصبر عليها، وأن العاقبة للمتقين. مناسبتها لما قبلها نزلت السورة الكريمة بعد سورة هود، وجاءت استكمالًا لقصص الأنبياء، ومما تحتويه من إثباتٍ لنزول الوحي على رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-، وبيان أن رسالة الأنبياء واحدة ومصدرها واحد؛ وأنها جاءت لدعوة الناس لتوحيد الله وترك الشرك بأنواعه، والالتزام بالعمل الصالح، وتجدر الإشارة أن قصة سيدنا يوسف جاءت في سورةٍ واحدة بعكس قصص الأنبياء الآخرين.