masonicoutreachservices.biz

masonicoutreachservices.biz

تبدت لنا وسط الرصافة نخلة

Tuesday, 30-Jul-24 08:31:34 UTC

ذات صلة تطور مفهوم الوطن في الشعر العربي مفهوم الوطن مفهوم الوطن عند الشعراء عند ذكر الوطن يتبادرللذهن الأرض، والمساحة، والامتداد المتنوّع من الشجر والجبال، والسهل، والماء، والصحراء، وكذلك الأهل والعشيرة، واللغة، والحضارة، والدين، والتاريخ، والانتماء إلى كل ذلك، هذا بالنسبة لنا، مجموعة من المشاعر الجياشة تنتاب القارئ لمجرد ذكر الوطن، أما بالنسبة للفنان بشكل عام والشاعر على وجه الخصوص فإن شعوراً وارتباطاً عاطفياً وجدانياً وحساساً يتدفق من أعماقه عبر فمه على هيئة كلام بليغ ذي لحنٍ ووقعٍ كبير على نفس المتلقي، ليقنع من خلال إحساسه المرهف أنّ الوطن يسكن قلبَ الشاعر أينما تنقّل. وطن الشعراء في الحروب والانتكاسات إنّ الشعر ومنذ نشأته كان ولا يزال منبراً إعلامياً يتأثر مع كلّ مستجد يمرّ بقبيلة الشاعر ووطنه، فيفرح لفرحها ويتغنّى بأمجادها ويفخر ببطولاتها وانتصاراتها، ويحمسها وقت الحرب ويشد من أزرها ويحزن لانتكاساتها، ولأنّ الشعر خفيف على السمع والحفظ فكان وسيلة لنقل تراث وثقافة حتى يومنا. يقول الشاعر الشريف قتادة أبو عزيز بن إدريس في فترة الخلافة العباسية: بلادي وإن هانت علي عزيزة ولو أنني أعرى بها وأجوع ولي كفٌ ضِرغامٌ أصولُ بِبَطشها وأشري بها بين الورى وأبيع كان إذا ما تعرّض وطنه لاستعمار أو ما شابه فإن جرحاً لديه لا ينضب يظلّ ينزف شعراً، يصف حالاً ويؤرّخ مرحلةً، ويؤرّخ عادات عشيرته وشعبه فتتناقلها الأجيال.

مدونة إبراهيم دلمي: شعر عبد الرحمن الداخل في نخلة في الرصافة بالأندلس

عبدالرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية الملقب بصقر قريش وعبدالرحمن الداخل. ولد في إحدى قرى الشام (113 هـ 731م) وتوفي في الاندلس (171هـ 788م) ودفن في قصر قرطبة. كان أحد الأمراء الأمويين المرشحين للخلافة في عاصمة الدولة الأموية في دمشق، جده الخليفة هشام بن عبد الملك عاشر الخلفاء الأمويين. هرب من العباسيين عند قيام دولتهم، إلى الأندلس حيث دخلها، وسمي بذلك (عبدالرحمن الداخل) وأسس الخلافة الأموية هناك في الأندلس حكم بين عامي 756-788. أرتبط عبدالرحمن الداخل (صقر قريش) بالنخل فهو أول من أمرَ بجلب النخل إلى الأندلس لحبه وتعلقه بها، وحبه للنخل ليس سوى ترجمة لحنينه إلى موطنه ومسقط رأسه (جزيرة العرب) وفي أحد الأيام وقف أمام النخلة التي زرعها في الرصافة وقد كانت نخلة وحيدة فقال وهو يحاورها: تبدّت لنا وسط الرصافة نخلة تناءت بأرض الغرب عن بلد النخل فقلت شبيهتي في التفرد والنوى وطول التنائي عن بني وعن أهلي نشأتِ بأرض أنت فيها غريبة فمثلك في الإقصاء والمنتأى مثلي سقتك غوادي المزن من صوبها الذي يسح ويستمري السماكين بالوبل

نُسبت لعبد الرحمن الداخل (صقر قريش) أبيات رأى فيها تماثلاً مع نخلة بسقت في الأندلس، فقد رأى الداخل نخلة مفردة بالرُّصافة، فهاجت شجنه، وتذكر وطنه. ها هي النخلة بعيدة عن موطنها تشبه حال الشاعر الذي هو بعيد عن موطنه، فيدعو لها أن تسقيها الغيوم وأن يسح عليها المطر: تبدَّتْ لنا وسْطَ الرُّصافة نخلةٌ تناءتْ بأرضِ الغرب عن بلد النخلِ فقلتُ شبيهي في التغرُّب والنوى وطولِ الـتَّنائي عن بَنِيَّ وعن أهلي نشأتِ بأرض أنتِ فيها غريبةٌ فمثلُكِ في الإقصاءِ والمُنْتأى مثلي سقتكِ غوادي المُزْن من صَوبها الذي يسِحُّ وتستمري السِّماكَين بالوَبل كان عبد الرحمن الداخل (عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك) قد سار إلى بلاد الأندلس وأخضعها لحكمه بين سنتي 756 – 788 م هـ، فسمي بالداخل. أما الرّصافة فهو حي في قرطبة على شط النهر الكبير، وقد سماها على اسم الرصافة في بلاد الشام تلك التي بناها جده هشام. ويلاحظ أن تأثر المغاربة بالمشارقة كان إلى حد بعيد، فقد سمى الأندلسيون أسماء مدن على أسماء مدن في الشرق، بل لقب شعراء أنفسهم بألقاب شعراء مشارقة. السِّماكان هما نجمان نيّران، أحدهما في الشمال- السِّماك الرامح، والآخر في الجنوب- السماك الأعزل، واستمرى تعنى استدعى منهما المطر.