قدم إلى بغداد طلباً للعلم فكان منزله في الجانب الغربي منها بباب خرسان، على ما جاء في الفهرست وكان أولاً من أصحاب الحديث، فكان يضاغن الفيلسوف أبا يوسف يعقوب اسحق الكندي ، ويغري به العمة ، ويشنع عليه بعلوم الفلاسفة، قال ابن النديم: فدّس عليه الكندي من حسّن له النظر في علم الحساب والهندسة فدخل في ذلك، وعدل إلى علم أحكام النجوم، وانقطع شره عن الكندي. ويقال أنه تعلم النجوم بعد سبع وأربعين سنة من عمره، فضلا عن دراسة التاريخ العام وأخبار الفرس خاصة، حتى غدا " أعلم الناس بيسر الفرس وأخبار سائر الأمم " على حد قول ابن صاعد. وشأن علماء عصره قرن البلخي علم النجوم بصناعة التنجيم. كتاب الطالع الحدسي ابو معشر الفلكي. وكان بالتنجيم أميل حتى اشتهر به، قال فيه ابن النديم: "وكان فاضلاً، حسن الإصابة.
اسمه ونشأته:- جعفر بن محمد بن عمر، أبو معشر البلخي ، الفلكي المشهور، وُلِدَ في بَلْخ الأفغانية سنة 171هـ. مكانته العلمية:- كان أولاً من أصحاب الحديث، وتعلم الفلك بعد 47 سنة من عمره، وأصبح لا مثيل له في وقته، حتى حُكِيَ أنه كان إمام وقته في علم الفلك ، درس الفلكين الهندي والفارسي بالذات، وانغمس في شؤون التقويم والتنجيم، وفي الخمسين من عمره، تحول إلى دراسة الجغرافيا، وهو من أوائل من ربطوا بين ظواهر المد والجزر وحركة القمر، وقد أنشأ البلخي زيج (قلعة كتكز) الملقب بزيج (الهزارات)، والذي يمر خط نصف نهاره بهذه القلعة. أبو معشر الفلكى الكبير فيه طوالع الرجال والنساء - صفحة 2. الكتابات الأوروبية الوسيطة تناولت أبا معشر في كثير من مؤلفاتها – المكتبة الرقمية العالمية وكان أعلم الناس بتاريخ الفرس وأخبار سائر الأمم. وكان يعرف عند الغربيين في العصور الوسطى باسم (ألبوماسر) Albomasar، كان باتيستا بورنا (المتوفى 1606م) هو أول من وضع عنه مسرحية تدور حول أعماله في التنجيم. ترجمة لاتينية لأحد مؤلفات البلخي عن الأبراج نوادره:- له إصابات حسنة في أحكام النجوم مذكورة بين العلماء بهذا النوع، وقد ضربه المستعين العباسي أسواطاً؛ لأنه أخبر بشيءٍ قبل حدوثه فحَدَثَ، فكان يقول: أصبت فعوقبت!
واتصل أبو معشر بالموفق ، أخي المعتمد فاتخذه منجـِّماً له، وكان معه في محاصرته للزنج بالبصرة، ويبدو أنه سكن واسط في أواخر أيامه، وفيها مات في 28 رمضان سنة 272 هجري ، قيل: كان موته بالصرع لأنه كان يعتريه صرع عند أوقات الامتلاءات القمرية، بناءاً على ما ذكر ابن العبري وكان مدمنا على الخمر مستهترا بمعاقرتها.