فقصَّت عليه ما كان من أمر النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه، فقال: والله إني لأراه صاحب قريش الذي يطلب [الطبقات الكبرى]. وكان من دأب أبي بكر- رضي الله عنه- أنه كان ردفًا للنبي صلّى الله عليه وسلم، وكان شيخا يعرف، ونبي الله صلّى الله عليه وسلم شاب لا يعرف، فيلقى الرجل أبا بكر فيقول: من هذا الرجل الذي بين يديك؟ فيقول: هذا الرجل يهديني الطريق، فيحسب الحاسب أنه يعني به الطريق، وإنما يعني سبيل الخير [الرحيق المختوم، بتصرف]. تحميل كتاب الهجرة الى المدينة المنورة PDF - مكتبة نور. وكانت قريش قد أعدَّت مكافأة كبيرة لمن يقتل النبي صلى الله عليه وسلم أو يأتهم به، واستطاع سراقة بن مالك أن يقتفي أثر النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه في الصحراء وكان ماهرا في ذلك. حتى وصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه، فَالْتَفَتَ أبو بَكْرٍ فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ لَحِقَهُمْ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله هَذَا فَارِسٌ قَدْ لَحِقَ بنا فَالْتَفَتَ نَبِيُّ الله صلى الله عليه وسلم فدعا عليه صلى الله عليه وسلم فساخت [غاصت] قدم فرسه في الرمال، فقال سراقة: « إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمَا قَدْ دَعَوْتُمَا عَلَيَّ، فَادْعُوَا لِي، فَاللهُ لَكُمَا أَنْ أَرُدَّ عَنْكُمَا الطَّلَبَ، فَدَعَا الله فَنَجَا» (متفق عليه).
«فلما نجا سراقة قصَّ على الرسول صلى الله عليه وسلم أخبار قريش وأنهم جعلوا فيه الدِّيَةَ، وَأَخْبَرَهُمْ أَخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ منهِمْ، ثم سَأَل سراقة النبي صلى الله عليه وسلم أَنْ يَكْتُبَ له كِتَابَ أَمْنٍ فَأَمَرَ عَامِرَ بن فُهَيْرَةَ فَكَتَبَ في رُقْعَةٍ مِنْ أَدِيمٍ» (متفق عليه). ورجع سراقة، فوجد الناس في الطلب، فجعل يقول: قد استبرأت لكم الخبر، قد كفيتم ما ههنا. وكان أول النهار جاهدا عليهما، وآخره حارسا لهما [الرحيق المختوم، بتصرف] وواصل النبي صلى الله عليه وسلم المسير حتى وصل مشارف قباء (جنوب المدينة).
وكان أول ما سلك بهم بعد الخروج من الغار أنه أمعن في اتجاه الجنوب نحو اليمن، ثم اتجه غربا نحو الساحل، حتى إذا وصل إلى طريق لم يألفه الناس اتجه شمالا على مقربة من شاطىء البحر الأحمر، وسلك طريقا لم يكن يسلكه أحد إلا نادرا. قصة علي بن ابي طالب - موضوع. [الرحيق المختوم، بتصرف] فمروا بخيمتي أم معبد الخزاعية، وكانت تقعد بفناء الخيمة، ثم تسقي وتطعم، فسألوها تمراً أو لحماً يشترون، فلم يصيبوا عندها شيئاً من ذلك، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاةٍ في الخيمة فقال: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ قالت: هذه شاة خلفها الجهد عن الغنم، فقال: هل بها من لبن؟ قالت: هي أجهد من ذلك قال: أتأذنين لي أن أحلبها؟ قالت: نعم، بأبي أنت وأمي، إن رأيت بها حلباً! فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشاة فمسح ضرعها وذكر اسم الله، وقال: اللهم بارك لها في شاتها! قال: فدرَّت واجترَّت، فدعا بإناء لها فحلب فيه حتى امتلأ فسقاها فشربت حتى رويت وسقى أصحابه حتى رووا وشرب صلى الله عليه وسلم آخرهم، وقال: «ساقي القوم آخرهم»، فشربوا جميعاً حتى ارتووا، ثم حلب النبي صلى الله عليه وسلم فيه ثانياً لأم معبد فتركه عندها ثم ارتحلوا عنها. فقلما لبثت أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزًا عجافًا هزلَى، فلما رأى اللبن عجب وقال: من أين لكم هذا والشاة عازبة ولا حلوبة في البيت؟!
[ابن سعد (1/325)]. 1. علي محمد محمد الصّلابيّ، السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث (دروس وعبر)، الطبعة الأولى، 2004. ص (403:389). 2. أبو محمد بن عبد الملك بن هشام، السِّيرة النَّبويَّة، دار الفكر،1990. الجزء/2،ص. ص (52:44). 3. أبو الفداء إسماعيل بن كثير، السِّيرة النَّبويَّة، تحقيق مصطفى عبد الواحد، الطَّبعة الثانيةـ، دار الفكر بيروت لبنان، 1978. هجره النبي من مكه الي المدينه. الجزء/3،ص360. 4. صالح أحمد الشَّامي، السِّيرة النَّبويَّة تربية أمَّةٍ، وبناء دولةٍ، المكتب الإسلامي، الطَّبعة الأولى، 1992،ص 118. 5. عبد القادر حامد التيجاني، أصول الفكر السِّياسيِّ في القرآن المكِّي، الطَّبعة الأولى، عمَّان الأردن، دار البشير، 1995. ص 182.