الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري - YouTube
فليتأمل اللبيب هذه الآية العظيمة ومطابقتها لهذه المعاني الشريفة فذكر سبحانه وتعالى نوره في السموات والأرض ونوره في قلوب عباده المؤمنين النور المعقول المشهود بالبصائر والقلوب والنور المحسوس المشهود بالأبصار الذي استنارت به أقطار العالم العلوي والسفلي فهما نوران عظيمان أحدهما أعظم من الآخر وكما أنه إذا فقد أحدهما من مكان أو موضع لم يعش فيه آدمي ولا غيره لأن الحيوان إنما يتكون حيث النور ومواضع الظلمة التي لا يشرق عليها نور لا يعيش فيها حيوان ولا يتكون البته فكذلك أمة فقد فيها نور الوحي والإيمان ميتة وقلب فقد منه هذا النور ميت ولابد لا حياة له ألبتة كما لا حياة للحيوان في مكان لا نور فيه. اهـ. وقال ابن القيم رحمه الله قوله تعالى: ( مثل نوره كمشكاة فيها مصباح.. ) فقيل: المشكاة صدر المؤمن والزجاجة قلبه ، وشبه قلبه بالزجاجة لرقتها وصفائها وصلابتها ، وكذلك قلب المؤمن فإنه قد جمع الأوصاف الثلاثة فهو يرحم ويحسن ويتحنن ويشفق على الخلق برقته. وبصفائه تتجلى فيه صور الحقائق والعلوم على ما هي عليه ويباعد الكدر والدرن والوسخ بحسب ما فيه من الصفاء ، وبصلابته يشتد في أمر الله تعالى ، ويتصلب في ذات الله تعالى ويغلظ على أعداء الله تعالى ويقوم بالحق لله تعالى ، وقد جعل الله تعالى القلوب كالآنية ، كما قال بعض السلف: القلوب آنية الله في أرضه وأحبها إليه أرقها وأصلبها وأصفاها.