فأديب الدعاة يستخدم أسلوبًا مبسطًا وسهلًا في عرض المعلومات في كتبه، فيستفيد بكتبه القارئ العامي والمثقف على حدٍ سواء. وتُمثل كتب الشيخ محمد الغزالي بناءً متكاملًا للتزكية التي يحتاجها المسلم المعاصر لنفسه، كما أن كتاباته تتناول الجانب الدعوي والفكري الذي يجب ألا تخلو منه حياة المسلم حتى يستقيم المجتمع. فكتب الشيخ محمد الغزالي مهمة وأساسية في الجانب الدعوي والتزكوي. وفي كتاب خلق المسلم نجح الشيخ محمد الغزالي في طرح نموذج كاملًا لأخلاق الفرد المسلم، وقد استقى الشيخ الغزالي هذا النموذج من الدين ولم يأتِ به من عقله أو نقله من دن آخر، فالدين الإسلامي جاء يطارحًا نموذجًا كاملًا للأخلاق التي تظبط حياة الفرد المسلم والمجتمع المسلم. يُحاول الغزالي في هذا الكتاب شرح حديث النبي صلى الله عليه وسلم "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق" عن طريق طرح النموذج وتفصيل المعنى. والناس من خوف الفقر في فقر ومن خوف الذل في ذل. محمد الغزالي نبذة عن حياة أديب الدعوة الشيخ محمد الغزالي مولده ونشأته وُلد محمد الغزالي أحمد موسى السقا في قرية نكلا العنب التابعة لمركز إيتاي البارود محافظة البحيرة، وذلك في اليوم الثاني والعشرين من شهر سبتمبر لعام 1917م.
ويعد الشيخ محمد الغزالي من المفكرين التربويين الذين لهم نتاج كبير في هذا المجال. ولد الشيخ محمد الغزالي أحمد السقا في قرية نكلا العنب التابعة لمركز إيتاي البارود بمحافظة البحيرة عام 1917، وهو من أسرة ريفية فقيرة، ومتدينة، ولد لأب تقي ورع من حفظة كتاب الله، وأم حانية بارة صالحة، تحب الخير والإحسان للناس، فحرصا كل الحرص على تربية الغزالي تربية طيبة، فحرص والده على تعليمه تعليمًا دينيًا، وتحفيظه القرآن الكريم، وتنشئته تنشئة وثيقة الصلة بالله. إلى جانب تأثر الشيخ الغزالي بوالده فقد تأثر بشيوخه الذين تتلمذ على أيديهم، واستفاد من خبراتهم، منهم الشيخ إبراهيم غرباوي، والشيخ عبد العزيز جلال، وكان أكثر من تأثر به هو الشيخ حسن البنا؛ فهو مدرسة لوحده فكرًا وفقهًا ودرايًة بالواقع الإسلامي، فكان البنا أكثر المؤثرين في شخصية الغزالي وإعداده وتكوينه. ترك الغزالي رصيدًا كبيرًا من الكتب والمقالات والمحاضرات والخطب والدروس، التي ألقاها طيلة مساره الدعوي والفكري، وأسهم إسهامًا كبيرًا في المجال التربوي؛ حيث كانت له العديد من المنطلقات والأفكار التربوية، ومنها ما يخص المعلم، وأساليب التربية المجدية، ونحن هنا بصدد استعراض أساليبه في التربية.
ويؤكد الشيخ الغزالي على قيمة الوقت فيقول: إذا لم تشغل نفسك بالحق شغلتك بالباطل، وهذا صحيح، لإن النفس لا تهدأ إذا لم تدر في حركة سريعة من مشروعات الخير، والجهاد، والإنتاج المنتظم، ولم تلبث أن تنهيها الأفكار الطائشة، وأفضل ما تصون به حياة الإنسان أن ترسم له منهاجًا يستغرق أوقاته، وأحسب أن المجتمع يستطيع الخلاص من مفاسد كثيرة لو تحكم في وقت الفراغ، لا بالإفادة منه بعد أن يوجد، بل يخلق الجهد الذي يستنفذ كل طاقة، ويوجه هذا وذاك إلى ما ينفعه في معاشه، ومعاده. ولا ينسى المعلم أن يذكر طلبته بأنهم سيسألون يوم القيامة عن أوقاتهم، وأعمارهم فيما أضاعوها. 6- التربية بالأحداث والمواقف تعتبر حياة الإنسان سلسلة من المواقف والأحداث المستمرة، والتي تسهم بشكل كبير في تكوين وصقل شخصيته، وبالتالي على المعلم أن يستثمر كل هذه المواقف والأحداث وتبعاتها في زرع كل سلوك محبب وكل خلق حميد في نفوس طلبته، ويؤهلهم أيضًا لمواجهة كل ما يقابلهم من تحديات، وعقبات، وعراقيل، ومشكلات، ولقد تعلم المسلمون منذ عهد سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) الكثير من العبر من خلال ما مر بهم من أحداث كيوم أُحُد مثلًا. ويقول الغزالي: إن الرجل الذي لا يعي تجاربه الخاصة، ويتعلم منها كيف يتجنب المزالق، ويتقي الخصوم، رجل مقيد النظر ضعيف الإيمان، والأمة الإسلامية التي سلخت من عمرها هذه القرون، وخرجت بثروة طائلة من الأحداث الجسام، يجب أن تضع أمام عينيها الدروس التي تلقتها خلال هذه الآماد؛ حتى لا تقع في ذات الحفر التي وقعت فيها من قبل، أو تلدغ من الجحر القديم نفسه.