والسنة مبينة لما أُجْمِل في كتاب الله ، تخصص عمومه ، وتقيِّدُ مطلقه ، وتبين الناسخ من المنسوخ فيه ، حتى قال إمام التابعين مكحول رحمه الله: " القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن " انتهى. الدرر السنية. " الكفاية " (ص/30) وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "أما من قال: إن قول الله تعالى: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين) [البقرة:180] منسوخ بقوله صلى الله عله وسلم: (لا وصية لوارث) فهذا قول لا يصح. أولا: لأن الحديث ليس فيه نسخ، بل فيه التخصيص؛ لأن الآية فيها الأمر بالوصية للأقربين، وهذا يعم الوارث وغير الوارث، ثم رفع الحكم عن الوارث فقط، وهذا تخصيص لا نسخ؛ لأن النسخ رفع الحكم كله، لا رفع الحكم عن بعض أفراد العموم. ثانيا: أن الحديث مبين للناسخ، وليس ناسخا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث)، وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن الله تعالى قسم الميراث، وأعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية بعد هذا التقسيم لوارث... [و] السنة إذا صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم: فهي بمنزلة القرآن، يجب العمل بما فيها، وتصديق خبرها" انتهى من اللقاء (46) من "لقاءات الباب المفتوح".
ثم تضيف الآية أن هذه الوصيّة كتبت ﴿حَقّاً عَلَى الْـمُتَّقينَ﴾. ذكرنا أن تعبير ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ﴾ يدل على الوجوب، من هنا كان هذا التعبير وقع بحث لدى المفسرين في هذه الآية، ولهم فيها أقوال مختلفة: 1 - جاء في الآية الكريمة بشأن كتابة الوصية كونها ﴿حَقّاً عَلَى الْـمُتَّقِينَ﴾ ، من هنا فإنها مستحبة استحباباً مؤكداً، ولو كانت واجبة لقالت الآية، «حَقّاً عَلَى الْمُؤْمِنينَ». 2 - قيل أيضاً: إن هذه الآية نزلت قبل نزول أحكام الإِرث، وكانت الوصية آنئذ واجبة، كي لا يقع نزاع بين الوَرَثَةِ. ثم نسخ هذا الوجوب بعد نزول آيات الإِرث، وأصبح حكماً استحبابياً. وفي تفسير «العيّاشي» حديث يؤيّد هذا الاتجاه. 3 - يحتمل أيضاً أن يكون حديث الآية عن موارد الضرورة والحاجة، أي حين يكون الإِنسان مديناً، أو في ذمته حق، والوصية واجبة في هذه الحالات. يبدو أن التّفسير الأول أقرب من بقية التفاسير. كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك. يلفت النظر أن الآية الكريمة عبرت عن المال بكلمة «خَيْر» فقالت: ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْراً﴾. وهذا يعني أن الإِسلام يعتبر الثروة المستحصلة عن طريق مشروع، والمستخدمة على طريق تحقيق منافع المجتمع ومصالحه خيراً وبركة. ويرفض النظرات الخاطئة التي ترى الثروة شراً ذاتياً، ويردّ على أُولئك المتظاهرين بالزهد، القائلين إن الزهد مساو للفقر، مسبّبين بذلك ركود المجتمع الإِسلامي اقتصادياً، ومؤدين بمواقفهم الإِنزوائية إلى فسح المجال لاستثمار الطامعين خيرات أُمتهم.
فقال حنيفة: إني أوصيت ليتيم لي بمائة من الإبل ، كنا نسميها المطيبة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ، " لا لا لا. الصدقة: خمس ، وإلا فعشر ، وإلا فخمس عشرة ، وإلا فعشرون ، وإلا فخمس وعشرون ، وإلا فثلاثون ، وإلا فخمس وثلاثون ، فإن أكثرت فأربعون ". وذكر الحديث بطوله.
عن يحيى، أخبرني أبو سلمة، أنه سمع أبا هريرة، فذكره، واللفظ للبخاري، ولفظ مسلم نحوه. • عن ابن عباس قال: كان في بني إسرائيل القصاص ولم تكن فيهم الدية، فقال اللَّه تعالى لهذه الأمة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} فالعفو أن يقبل الدية في العمد، {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} يتبع بالمعروف ويؤدي بإحسان {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} مما كتب على من كان قبلكم {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} قتل بعد قبول الدية. كيف نجمع بين حديث (لا وصية لوارث) ، مع الأمر بها للوالدين والأقربين في القرآن؟ - الإسلام سؤال وجواب. صحيح: رواه البخاريّ في التفسير (٤٤٩٨) عن الحميدي، حدّثنا سفيان، حدّثنا عمرو قال: سمعت مجاهدًا قال: سمعت ابن عباس يقول: فذكره. ٤٩ - باب قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (١٨٠)} • عن عبد اللَّه بن عمر، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "ما حق امرئ مسلم، له شيء يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة". متفق عليه: رواه مالك في الوصية (١) عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر، فذكره.