والانشغال بما يعني الإنسان نفسه وترك ما لا يعنيه، وعدم التدخل في شؤون الآخرين الخاصة يدل على حسن الإسلام عند الإنسان المتدين، وحسن أخلاقه وآدابه؛ وأما من يدس أنفه في كل شاردة وواردة فهو ممن يسيء في إسلامه، وينتقص ذلك من تدينه وأخلاقه وآدابه. حريم الحياة الخاصة إذا كان من الطبيعي أن يهتم المرء بشؤونه الخاصة والعامة، فإن من غير الطبيعي أن يترك شؤونه الخاصة ويتدخل في خصوصيات الآخرين وأسرارهم الشخصية، فلكل إنسان خصوصياته وأسراره الشخصية التي لا يرغب في إطلاع الآخرين عليها؛ لأنه يعتبر حريم وحصن داخلي له لا يحق لأحد اقتحامه من غير إذنه، فكما لا يجوز لأحد أن يقتحم دار غيره إلا بإذنه، كذلك لا يجوز لأحد أن يقتحم على الآخرين حياتهم الخاصة وشؤونهم وقضاياهم الشخصية من غير رغبتهم؛ لأنه ملك شخصي لهم. احترام الحياة الخاصة للآخرين. وإذا كان من الآداب احترام خصوصيات الآخرين وأسرارهم الشخصية، فإن من قلة الأدب التلصص والتطفل من أجل الاطلاع على الحياة الخاصة للآخرين، أو محاولة معرفتها من دون إذن صاحبها. وإذا كان «مِن حُسنِ إسلامِ المَرءِ تَركُهُ ما لا يَعنيه»ِ[7] ، فإن من أجلى مصاديق ذلك احترام خصوصيات الآخرين وأسرارهم الشخصية، وإن التغافل عما تعلم منها من أشرف أفعال الكريم، فقد ورد عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) أنه قال: «أشرَفُ أخلاقِ الكريمِ تَغافُلُهُ عمّا يَعلَمُ»[8] ، وقوله (عليهم السلام): «مِن أشرَفِ أعمالِ (أحوالِ) الكَريمِ غَفلَتُهُ عمّا يَعلَمُ»[9].
المصدر: أ ش أ
ومن أسوأ الأخلاق هو التحدث عن خصوصيات الآخرين وأسرارهم الشخصية ونشرها أمام الآخرين بهدف الإساءة إليهم وإيذائهم، وربما يؤدي ذلك إلى إيجاد مشاكل عائلية أو أخلاقية أو اجتماعية، وهو نوع من أنواع التعدي والعدوان على الآخرين، وهو أمر محرم شرعاً. أسباب الفضول للفضول والتطفل أسباب ودوافع عديدة، وقد تختلف من شخص لآخر، ونشير إلى أبرزها في النقاط الآتية: 1- غياب الاهتمامات المفيدة: إذا لم يكن لدى الشخص اهتمامات مفيدة في حياته، وليس لديه أية أهداف واضحة ولا محددة، ويعيش فراغاً كبيراً فإنه يتسلى بالحديث عن خصوصيات الآخرين وقضاياهم الخاصة، وينشغل بالقيل والقال. أما الشخص المشغول بتحقيق أهدافه واهتماماته المفيدة في حياته فليس لديه أي وقت للتطفل والفضول، ولا يهمه معرفة خصوصيات الآخرين لأنها لا تعنيه في شيء. احترام خصوصيات الاخرين wordwall. وقد أشار الإمام علي (عليهم السلام) إلى ذلك بقوله: «مَنِ اشتَغلَ بالفُضولِ فاتَهُ مِن مُهِمِّهِ المَأمولُ»[10] ، وقوله (عليهم السلام): «مَن شَغَلَ نَفسَهُ بما لا يَجِبُ، ضَيّعَ مِن أمرِهِ ما يَجِبُ»[11] ، وقوله (عليهم السلام): «مَنِ اشتَغلَ بغَيرِ ضَرورَتِهِ فَوّتَهُ ذلكَ مَنفَعتَهُ»[12]. فالإنسان الذي يشتغل بالفضول وبما لا يعنيه يضيع على نفسه تحقيق أي نجاح، أو أي أمر ينفعه ويفيده، وعادة ما يكون يفتقد لأية اهتمامات مفيدة في حياته، ولذلك يلجأ إلى أمور لا تخصه ولا تعنيه في حياته.
وقال سفيان الثوري، عن راشد بن سعد، عن معاوية بن أبي سفيان، قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنك إن اتَّبعتَ عورات الناس أفسدتهم، أو كدتَ أن تفسدَهم))، فقال أبو الدرداء رضي الله عنه: كلمة سمعها معاوية رضي الله عنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعه الله تعالى بها. فهكذا أخذ النصُّ طريقَه في النظام العملي للمجتمع الإسلامي، ولم يَعُدْ مجرد تهذيبٍ للضمير وتنظيف للقلب، بل صار سياجًا حول حرُمات الناس وحقوقهم وحرياتهم، فلا تُمسُّ من قريب أو بعيد، تحت أي ذريعة أو ستار. فأين هذا المدى البعيد؟ وأين هذا الأفق السامق؟ وأين ما يتعاجب به أشد الأمم ديمقراطية وحرية وحفظًا لحقوق الإنسان بعد ألف وأربع مائة عام؟"؛ قاله أديب الإسلام الأستاذ سيد قطب في ظلال القرآن (6/ 3345-3346). احترام خصوصيات الآخرين. قال القاضي أبو يعلى الحنبلي في الأحكام السُّلطانية (ص: 296): "إن كان في المنكر الذي غلب على ظنِّه الاستمرار به بإخبار ثقة عنه انتهاكُ حرمةٍ يفوت استدراكها؛ كالزنا، والقتل - جاز التجسُّس عليه، والإقدام على الكشف والبحث؛ حذرًا من فوات ما لا يستدرك من انتهاك المحارم، وإن كان دون ذلك في الرِّيبة لم يَجُزِ التجسُّس عليه، ولا الكشف عنه" انتهى مختصرًا.
أنا أفضّل المصافحة على العناق. أنا أشعر بالجوع، سأذهب لتناول الطعام. لديّ حساسية ضد الحيوانات الأليفة؛ لذلك لا يمكن إدخالها إلى المنزل. لا أفضّل أن تدخل إلى غرفتي دون استئذان. ويظهر انتهاك الحرية الجسدية من خلال تلقّي لمسةٍ غير مرغوب فيها، أو الاستمرار في المشي عند الشعور بالتعب، أو الانتظار عند الرغبة بتناول الطعام أو الشراب، بالإضافة إلى دخول الآخرين إلى الغرفة الخاصة بالفرد دون استئذان. [٥] الحرية العاطفية تُشير الحرية العاطفية إلى احترام العاطفة وتقديرها عبْر التأكد من مشاعر الآخرين، واحترام قدرتهم على استيعاب العاطفة، بالإضافة إلى معرفة مقدار الطاقة العاطفية التي يرغب الفرد بالحصول عليها، ويجب تحديد الوقت المناسب لمشاركة العاطفة مع الآخرين، كما أنّه يجب التوقف عنها مع الأشخاص الذين لديهم استجابة سيئة، وفيما يأتي بعض الأفعال التي تؤدي إلى تجاوز الحرية العاطفية لدى الأفراد: [٥] طرْح أسئلة غير مناسبة لطبيعة العلاقة. قيمة الاحترام - محمد سيد حسين عبد الواحد - طريق الإسلام. كشف المعلومات الشخصية والعاطفية. دفع الناس إلى تبرير مشاعرهم. الاعتقاد بمعرفة شعور الآخرين. إخبار الأفراد بشعورهم الذاتي. التعاطف الزائد دون استئذان. انتقاد مشاعر الأفراد.