ويل يومئذ للمكذبين أي شدة وعذاب يوم القيامة للمكذبين. ثم بين تعالى أمرهم فقال: الذين يكذبون بيوم الدين أي بيوم الحساب والجزاء والفصل بين العباد. وما يكذب به إلا كل معتد أثيم أي فاجر جائز عن الحق ، معتد على الخلق في معاملته إياهم وعلى نفسه ، وهو أثيم في ترك أمر الله. بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٤ - الصفحة ٥. وقيل هذا في الوليد بن المغيرة وأبي جهل ونظرائهما لقوله تعالى: إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين وقراءة العامة تتلى بتاءين ، وقراءة أبي حيوة وأبي سماك وأشهب العقيلي والسلمي: ( إذا يتلى) بالياء. و أساطير الأولين: أحاديثهم وأباطيلهم التي كتبوها وزخرفوها. واحدها أسطورة وإسطارة ، وقد تقدم.
﴿ كِتَابٌ ﴾ خبر لمبتدأ محذوف هو، ويجوز: بدل من سجين. ﴿ تُتْلَى ﴾ فعل ماض مبني للمجهول. ﴿ آيَاتُنَا ﴾ نائب فاعل. ﴿ قَالَ ﴾ فعل ماض والفاعل هو، والجملة جواب إذا. ﴿ أَسَاطِيرُ ﴾ خبر لمبتدأ محذوف (هي). ﴿ رَانَ ﴾ فعل ماض. ﴿ عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾ جار ومجرور. ﴿ مَا ﴾ اسم موصول فاعل. ﴿ كَانُوا ﴾ فعل ماض ناسخ والواو اسمها، وجملة يكسبون خبرها. ﴿ لَمَحْجُوبُونَ ﴾ اللام المزحلقة، محجوبون: خبر إنهم. ﴿ ثُمَّ ﴾ للعطف. ﴿ إِنَّهُمْ ﴾ حرف ناسخ والهاء اسمها. ﴿ لَصَالُو ﴾ اللام المزحلقة، صالو: خبرها مرفوع. ﴿ كُنْتُمْ ﴾ فعل ماض ناسخ والتاء اسمها. وجملة تكذبون خبرها. ﴿ كِتَابَ ﴾ اسمها. ﴿ الْأَبْرَارِ ﴾ مضاف إليه. ﴿ لَفِي عِلِّيِّينَ ﴾ اللام المزحلقة، جار ومجرور خبرها. ﴿ يَشْهَدُهُ ﴾ فعل مضارع والهاء مفعول به. ﴿ الْمُقَرَّبُونَ ﴾ فاعل مؤخر وجملة ﴿ يَنْظُرُونَ ﴾ حال. ﴿ نَضْرَةَ ﴾ مفعول به. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة المطففين - القول في تأويل قوله تعالى " كلا إن كتاب الفجار لفي سجين ". ﴿ يُسْقَوْنَ ﴾ فعل مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل. ﴿ خِتَامُهُ مِسْكٌ ﴾ مبتدأ وخبر. ﴿ وَفِي ذَلِكَ ﴾ الواو للعطف، جار ومجرور متعلقان بـ: يتنافس. ﴿ فَلْيَتَنَافَسِ ﴾ الفاء للعطف، اللام للأمر جازمة، فعل مضارع مجزوم. ﴿ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ فاعل.
وعن ابن عباس قال: إن الكافر يحضره الموت ، وتحضره رسل الله ، فلا يستطيعون لبغض الله له وبغضهم إياه ، أن يؤخروه ولا يعجلوه حتى تجيء ساعته ، فإذا [ ص: 221] جاءت ساعته قبضوا نفسه ، ورفعوه إلى ملائكة العذاب ، فأروه ما شاء الله أن يروه من الشر ، ثم هبطوا به إلى الأرض السابعة ، وهي سجين ، وهي آخر سلطان إبليس ، فأثبتوا فيها كتابه. وعن كعب الأحبار في هذه الآية قال: إن روح الفاجر إذا قبضت يصعد بها إلى السماء ، فتأبى السماء أن تقبلها ، ثم يهبط بها إلى الأرض ، فتأبى الأرض أن تقبلها ، فتدخل في سبع أرضين ، حتى ينتهى بها إلى سجين ، وهو خد إبليس. فيخرج لها من سجين من تحت خد إبليس رق ، فيرقم فيوضع تحت خد إبليس. وقال الحسن: سجين في الأرض السابعة. وقيل: هو ضرب مثل وإشارة إلى أن الله تعالى يرد أعمالهم التي ظنوا أنها تنفعهم. قال مجاهد: المعنى عملهم تحت الأرض السابعة لا يصعد منها شيء. وقال: سجين صخرة في الأرض السابعة. وروى أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " سجين جب في جهنم وهو مفتوح " وقال في الفلق: " إنه جب مغطى ". وقال أنس: هي دركة في الأرض السفلى. وقال أنس قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " سجين أسفل الأرض السابعة ".
وقال بعض أهل العربية: ذكروا أن سجين: الصخرة التي تحت الأرض ، قال: ويرى أن سجين صفة من صفاتها ، لأنه لو كان لها اسما لم يجر ، قال: وإن قلت: أجريته لأني ذهبت بالصخرة إلى أنها الحجر الذي فيه الكتاب كان وجها. وإنما اخترت القول الذي اخترت في معنى قوله: ( سجين) لما حدثنا ابن وكيع ، قال: ثنا ابن نمير ، قال: ثنا الأعمش ، قال: ثنا المنهال بن عمرو ، عن زاذان أبي عمرو ، عن البراء ، قال: ( سجين) الأرض السفلى. حدثنا أبو كريب ، قال: ثنا أبو بكر ، عن الأعمش ، عن المنهال ، عن زاذان ، عن البراء ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: وذكر نفس الفاجر ، وأنه يصعد بها إلى السماء ، قال: " فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملإ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث ؟ قال: فيقولون: فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا ، فيستفتحون له. فلا يفتح له ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ( لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط) فيقول الله: اكتبوا كتابه في أسفل الأرض في سجين في الأرض السفلى ". حدثنا نصر بن علي ، قال: ثنا يحيى بن سليم ، قال: ثنا ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله: ( 24 - 285 كلا إن كتاب الفجار لفي سجين) قال: سجين: صخرة في الأرض السابعة ، فيجعل كتاب الفجار تحتها.
وقال عكرمة: " سجين: خسار وضلال "; كقولهم لمن سقط قدره: قد زلق بالحضيض. وقال أبو عبيدة والأخفش والزجاج: لفي سجين لفي حبس وضيق شديد ، فعيل من السجن; كما يقول: فسيق وشريب; قال ابن مقبل: ورفقة يضربون البيض ضاحية ضربا تواصت به الأبطال سجينا والمعنى: كتابهم في حبس; جعل ذلك دليلا على خساسة منزلتهم ، أو لأنه يحل من الإعراض عنه والإبعاد له محل الزجر والهوان. وقيل: أصله سجيل ، فأبدلت اللام نونا. وقد تقدم ذلك. وقال زيد بن أسلم: سجين في الأرض السافلة ، وسجيل في السماء الدنيا. القشيري: سجين: موضع في السافلين ، يدفن فيه كتاب هؤلاء ، فلا يظهر بل يكون في ذلك الموضع كالمسجون. وهذا دليل على خبث أعمالهم ، وتحقير الله إياها; ولهذا قال في كتاب الأبرار: يشهده المقربون. وما أدراك ما سجين أي ليس ذلك مما كنت تعلمه يا محمد أنت ولا قومك. كتاب مرقوم أي مكتوب كالرقم في الثوب ، لا ينسى ولا يمحى. وقال قتادة: مرقوم أي مكتوب ، رقم لهم بشر: لا يزاد فيهم أحد ولا ينقص منهم أحد. وقال الضحاك: مرقوم: مختوم ، بلغة حمير; وأصل الرقم الكتابة; قال: سأرقم في الماء القراح إليكم على بعدكم إن كان للماء راقم وليس في قوله: وما أدراك ما سجين ما يدل على أن لفظ سجين ليس عربيا ، كما لا يدل في قوله: القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة بل هو تعظيم لأمر سجين ، وقد [ ص: 222] مضى في مقدمة الكتاب - والحمد لله - أنه ليس في القرآن غير عربي.