رواه البيهقيُّ أيضاً بإسناد صحيح. وقال ابنُ القَيّمِ رحمهُ الله "وأما التهنئةُ بشعائرِ الكفرِ المختصةِ به فحرامٌ بالاتفاق، مثلَ أَنْ يهنِّئَهم بأعيادِهم وصومِهم، فيقولُ: عِيدٌ مباركٌ عليك، أو تَهنأُ بهذا العيدِ ونَحوِه، فهذا إن سَلِمَ قائلُه من الكفر، فهو من المحرّمات، وهو بمنزلةِ أن تهنّئهُ بسجودِهِ للصليب، بل ذلك أعظمُ إثماً عندَ اللهِ، وأَشدُّ مقتاً من التهنئةِ بشُربِ الخمرِ وقتلِ النفس، وارتكابِ الفَرْجِ الحرامِ ونحوِه. وكثيرٌ ممن لا قَدْرَ للدِّينِ عندهُ يقعُ في ذلك، ولا يدري قُبحَ ما فعل، فمن هنّأَ عبداً بمعصيةٍ أو بدعةٍ أو كُفرٍ فقد تعرّضَ لمقتِ اللهِ وسَخَطِه". وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم. انتهى كلامه رحمه الله. أقول هذا القولَ وأستغفرُ اللهَ لي ولكم من كلِّ ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبةً ولا ولدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةَ من لا يشركُ به أحداً، وأشهد أنّ محمداً عبد الله ورسوله، وصفيّهُ وخليلُه، صلى اللهُ عليه وعلى آله وصحبه وسلّمَ تسليماً دائماً أبداً.
وهذا شتم لله تعالى وتنقص منه، وإنزاله منزلة المخلوقين، ثم رد عليهم بقوله: ( وأنا الأحد) المنفرد المطلق ذاتاً وصفات، المنزه عن كل نقص والمتصف بكل كمال، ( الصمد) الذي لا يحتاج إلى أحد، ويحتاج إليه كل أحد غيره، الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد. ( لم يلِد) أي: لم أكن والدا لأحد، ( ولم يولد) أي: ولم أكن ولدا لأحد، لأنه أول بلا ابتداء كما أنه آخر بلا انتهاء، ( ولم يكن لي كفؤًا أحد) يعني: وليس لي مثلا ولا نظيرا، ونفي الكفء يعم الوالدية والولدية والزوجية وغيرها.. فالله عز وجل ليس كمثله شيء، فإنه سبحانه الكامل في صفاته الذي دلت النصوص والعقول على أنه لا نظير له سبحانه، قال الله تعالى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}(الشورى:11). 85:45 — وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً/ تلآوة.... قال ابن كثير: " { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} لأنه الفرد الصمد الذي لا نظير له". وقال السعدي: "{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} أي: ليس يشبهه تعالى ولا يماثله شيء من مخلوقاته، لا في ذاته، ولا في أسمائه، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، لأنَّ أسماءه كلها حسنى، وصفاته صفات كمال وعظمة، وأفعاله تعالى أوْجد بها المخلوقات العظيمة من غير مشارِك، فليس كمثله شيء، لانفراده وتوحده بالكمال من كل وجه.