تاريخ النشر: الإثنين 29 محرم 1427 هـ - 27-2-2006 م التقييم: رقم الفتوى: 72040 52221 0 297 السؤال يقول الحديث المروي عن عائشة رضي الله عنها فيما معنى الحديث: من لا يذكر فيه اسم الله فهو رد أريد أن اعرف هل كل ما لا يذكر فيه اسم الله فهو مردود على صاحبه فلا أجر له؟ أرجو الإجابة على هذا السؤال جزاكم الله خير الجزاء. الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فالذي يظهر أنك تريد حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. متفق عليه. واشتبه عليك مع حديث: كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم أقطع. رواه الحافظ الرهاوي في الأربعين عن أبي هريرة وفيه ضعف. ومعنى الحديث الأول أنه لا يجوز التعبد بعمل إلا بشرط أن يكون مما دل عليه الدليل, وإلا كانت العبادة مردودة على صاحبها، وهو آثم لإقدامه على التعبد بما لم يشرعه الله تعالى. والله أعلم.
شرح الحديث: ((من أحدث))؛ أي: من أوجد شيئًا لم يكن ((في أمرنا))؛ أي: شأننا الذي هو دين الإسلام. ((ما ليس منه))؛ أي: ما ليس له مستند من الكتاب والسنة. ((فهو رد))؛ أي: مردود لا يعتد به؛ لبطلانه. قال السعدي - رحمه الله -: إن كل عبادة فعلت على وجه منهي عنه فإنها فاسدة؛ لأنه ليس عليها أمر الشارع، وإن النهي يقتضي الفساد، وكل معاملة نهى الشارع عنها فإنها مُلغاةٌ لا يعتد بها. وقال النووي - رحمه الله -: وفيه دليل على أن العبادات من الغسل والوضوء والصوم والصلاة إذا فعلت على خلاف الشرع، تكون مردودة على فاعلها [7]. الفوائد من الحديث: 1 - عبادة لا تستند إلى دليل شرعي ترد في وجه صاحبها. 2 - الحث على الاهتمام بالدين. 3 - أن من ابتدع في الدين بدعة لا توافق الشرع فإثمها عليه، وعمله مردود عليه، وأنه يستحق الوعيد. 4 - الدين الإسلامي دين كامل لا نقص فيه. 5 - النهي يقتضي الفساد. [1] السير (2/ 135)، حلية الأولياء (2/ 43)، أسد الغابة (7/ 188 رقم 7085)، الإصابة (4/ 359 رقم 704). [2] فتح الباري (5/ 357 ح 2697). [3] شرح مسلم للنووي (2/ 15 ح 1718)، الجواهر البهية (85). [4] فتح المبين (96). [5] شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد (22).
غريب الحديث: ♦ من أحدث: أنشأ واخترع من قِبل نفسه وهواه. ♦ في أمرنا: في ديننا وشرعنا الذي ارتضاه الله لنا. ♦ ما ليس منه: مما ينافيه ويناقضه. ♦ فهو ردٌّ: مردود على فاعله؛ لبطلانه وعدم الاعتداد به. منزلة الحديث: قال ابن حجر العسقلاني - رحمه الله -: هذا الحديث معدود من أصول الإسلام، وقاعدة من قواعده، وقال: يصلح أن يسمى نصف أدلة الشرع [2]. قال النووي - رحمه الله -: إنه قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، وإنه من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم؛ فإنه صريح في رد البدع والمختَرَعات، وهو مما يعتنى بحفظه واستعماله في إبطال المنكرات [3]. قال ابن حجر الهيتمي - رحمه الله -: هو قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، بل من أعظمها وأعمها نفعًا من جهة منطوقه؛ لأنه مقدمة كلية في كل دليل يستنتج منه حكم شرعي [4]. قال ابن دقيق العيد - رحمه الله -: هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الدين، وهو من جوامع الكلم التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه صريح في رد كل بدعة وكل مخترع، واستدل به بعض الأصوليين على أن النهي يقتضي الفساد [5]. قال السعدي - رحمه الله -: هذان الحديثان العظيمان يدخل فيهما الدين كله، أصوله وفروعه، ظاهره وباطنه، فحديث عمر ((إنما الأعمال بالنيات... )) ميزان للأعمال الباطنة، وحديث عائشة ميزان للأعمال الظاهرة، ففيهما الإخلاص للمعبود، والمتابعة للرسول، اللذان هما شرط لكل قول وعمل، ظاهر وباطن [6].