وبناء على ما سبق؛ فقد سعينا إلى جمع هذا الملف العلمي الذي -بإذن الله- نأمل أن يحقق المراد لكل باحث ومتصفح وخطيب وداعية ومهتم؛ وقد قسمنا محاوره على النحو التالي:
الخطبة الأولى: وبعد: أيها المسلمون عباد الله، يتميز دين الإسلام بأنه شامل لجميع نواحي الحياة، دين يتسوعب كل القضايا التي يحتاج إليها الإنسان في حياته، كما قال بعضهم: من فراش الزوجية إلى العلاقات الدولية؛ فهو دين كامل تام، جاء ليحقق للبشر السعادة وليوفر لهم الراحة والعيشة الطيبة الهنيئة في هذه الدنيا. مفاهيم قرآنية الطهارة والنجاسة في ضوء القرآن الكريم. فلا عجب حين تجد في نصوص القرآن أو في أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- كلاما عن قضايا ربما تبدو في أعين بعض الناس صغيرة حقيرة لا تحتاج إلى الحديث عنها، حتى إن بعض المشركين لما سمعوا بعض النصوص النبوية في بعض القضايا التفصيلية جاءوا يقولون لبعض الصحابة: قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة! أي: حتى كيفية قضاء الحاجة، وهذا حق، قد صدقوا فيه؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد بين للناس كل شيء فيه صلاحهم وخيرهم، وحذرهم من كل شيء فيه شرهم وفسادهم. من القضايا التي تكلم عنها الإسلام كثيرا وشرع لها كثيرا من الأحكام وتميز بها عن غيره من الأديان قضية الطهارة والنظافة، هذه القضية التي اهتم بها الإسلام كثيرا لأجل أن يكرم هذا الإنسان ويميزه عن البهيمة والحيوان، فالحيوان الذي لا يعقل لا يهتم بهذا الأمر ولا يبالي به أبداً، أما الإنسان الذي كرمه الله -سبحانه وتعالى- فإنه ينبغي أن يكون عند هذا التكريم؛ فيكون طاهرا نظيفا جميلا حسنا.
وصاحب الطهارة والنظافة محبوب عند الله، ومحبوب عند الخلق والناس، وهذه القضية -أيها الأحباب- هي مسؤولية فردية ومسؤولية مجتمعية، فالإنسان في نفسه مطالب بأن يحافظ على طهارته، مطالب بذلك شرعا وعرفا وعادة وعقلا، في نفسه وفي ملابسه وفي بيته وفي أهله، وهي -كذلك- مسؤولية مجتمعية، فالمجتمع -كذلك- مطالب ككل بأن يحافظ على النظافة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد جعل هذا من أعمال الإيمان فقال: " الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ". فهذه المسؤولية مطالب بها كل مسلم، أن يزيل الأذى عن الطريق. وشدد النبي -صلى الله عليه وسلم- جدا في عكس ذلك، في وضع الأذى في طريق المسلمين، فقال، كما في صحيح مسلم: " اتقوا اللعانين "، قالوا: وما اللعانين يا رسول الله؟ "قال: الذي يتخلى -أي: الذي يقضي حاجاته- في طريق الناس، أو في ظلهم "، فهذا يستحق اللعنة، يلعنه الناس على فعله؛ لأنه يفسد عليهم طريقهم فلا يستطيعون أن يسيروا فيه كالمعتاد، ويفسد عليهم أماكن جلوسهم فلا يستطيعون أن ينتفعوا بظل الأشجار ونحوها، فيسبونه ويلعنونه، ويكون بهذا مستحقا لهذا الذم واللعن، " اتقوا اللعانين: الذي يتخلى في طريق الناس، أو في ظلهم ".
انظر أيضا [ عدل] نجاسة نظافة وضوء أحكام السواك الأعيان النجسة إزالة النجاسات المصادر [ عدل]