masonicoutreachservices.biz

masonicoutreachservices.biz

يؤذيني ابن ادم يسب الدهر

Tuesday, 30-Jul-24 00:33:09 UTC

قال الإمام الشافعي وأبو عبيدة وغيرهما من الأئمة (رحمهم الله) في تفسير قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تسبُّوا الدهر؛ فإن الله هو الدهر): كانت العرب في جاهليتها إذا أصابهم شدة أو بلاءٌ أو نكبةٌ، قالوا: يا خيبة الدهر، فيُسندون تلك الأفعال إلى الدهر ويسبُّونه، وإنما فاعلها هو الله عز وجل، فكأنهم إنما سبُّوا الله عز وجل؛ لأنه فاعل ذلك في الحقيقة، فلهذا نُهِيَ عن سب الدهر بهذا الاعتبار؛ لأن الله هو الدهر الذي يَعنونه، ويُسندون إليه تلك الأفعال؛ (تفسير ابن كثير، جـ12صـ364). وقال الإمام ابن القيم (رحمه الله): ساب الدهر دائرٌ بين أمرين لا بد له من أحدهما؛ إما سبُّه لله، أو الشرك به، فإنه إذا اعتقد أن الدهر فاعل مع الله، فهو مُشرك، وإن اعتقد أن الله وحدَه هو الذي فعل ذلك وهو يسب مَن فعَله، فقد سبَّ الله؛ (زاد المعاد لابن القيم، جـ 2صـ 355). حديث: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر. وروى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يقول: يا خيبة الدهر، فلا يقولنَّ أحدُكم: يا خيبة الدهر، فإني أنا الدهر، أقلِّب ليله ونهاره، فإذا شئتُ قبَضتُهما)؛ (مسلم حديث: 2246). قوله: (يا خيبة الدهر): الخيبة: هي الحِرمان والخسران؛ (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، علي الهروي، جـ 7 صـ 3002).

حديث: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر

تخريج الحديث: عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم, يسب الدهر, وأنا الدهر, بيدي الأمر, أقلب الليل والنهار)). رواه البخاري ومسلم. الدرر السنية. وفي رواية عند مسلم: ((قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم, يقول: يا خيبة الدهر, فلا يقول أحدكم: يا خيبة الدهر, فإني أنا الدهر, أقلب ليله ونهاره, فإذا شئتُ قبضتهما)). وجه الإشكال في الحديث: أن الدهر في اللغة: الزمان، وقد نص بعض أهل اللغة، على أنهما بمعنى واحد، ومعلوم أن الدهر بهذا المعنى ليس هو الله عز وجل.

الدرر السنية

يقول أحدهم: قبّح الله الدهر الذي شتت شملنا, ولعن الله الزمان الذي جرى فيه كذا وكذا. وكثيرًا ما جرى من كلام الشعراء وأمثالهم نحو هذا, كقولهم: يا دهر فعلت كذا, وهم يقصدون سبَّ من فعل تلك الأمور, ويضيفونها إلى الدهر, فيقع السب على الله تعالى؛ لأنه هو الذي فعل تلك الأمور وأحدثها, والدهر مخلوقٌ له, هو الذي يقلّبه ويصرّفه. والتقدير: أن ابن آدم يسبُّ من فعل هذه الأمور, وأنا فعلتها, فإذا سب الدهر, فمقصوده سب الفاعل, وإن أضاف الفعل إلى الدهر, فالدهر لا فعل له, وإنما هو الله وحده.. ". والقول الثاني: قول نُعيم بن حماد وطائفة معه من أهل الحديث والصوفية: أن "الدهر من أسماء الله تعالى, ومعناه القديم الأزلي. قال: "ورَوَوْا في بعض الأدعية: يا دهر, يا ديهور, يا ديهار. وهذا المعنى صحيح؛ لأن الله هو الأول, وليس قبله شيء, وهو الآخر وليس بعده شيء. شرح حديث: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِي الأَمْرُ - منتديات برق. فهذا المعنى صحيح, إنما النـزاع في كونه يسمى: "الدهر" بكل حال, فقد أجمع المسلمون -وهو مما علم بالعقل الصريح- أن الله سبحانه وتعالى ليس هو "الدهر" الذي هو الزمان، أو ما يجري مجرى الزمان، فإن الناس متفقون على أن الزمان هو الليل والنهار…" اهـ.

شرح حديث: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِي الأَمْرُ - منتديات برق

ثم يقولُ الحَقُّ سُبحانَه: «وَأنا الدَّهرُ» أي: خالِقُهُ، «بيَدي الأمرُ» الَّذي يَنسُبونَهُ إلى الدَّهرِ، «أُقَلِّبُ اللَّيلَ والنَّهارَ»، يَعني: أنَّ ما يَجري فيهِما مِن خَيرٍ وَشَرٍّ بِإرادةِ اللهِ وتَدبيرِهِ، وَبِعِلمٍ مِنهُ تعالَى وَحِكمةٍ، لا يُشارِكُهُ في ذلكَ غَيرُه، ما شاءَ كانَ، وما لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. والمرادُ أنَّ سَبَّ الدَّهرِ خَطَأٌ؛ لأنَّ اللهَ هو المُتَصَرِّفُ بالدَّهْرِ؛ فحَقيقةُ السَّبِّ تَعودُ إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ؛ فمَن سَبَّ السَّبَبَ، فكَأنَّه سَبَّ الخالِقَ المُسبِّبَ. وفي الحَديثِ: دَعوةٌ لِلتَّأدُّبِ مع اللهِ سُبحانه في القَولِ والاعتِقادِ.

إذاً فالإنسان بسبِّه للدهر يرتكب جملة من المفاسد، منها أنه سبَّ من ليس أهلاً للسب، فإن الدهر خلق مسخَّر من خلق الله، منقاد لأمره متذلل لتسخيره، فسابٌّه أولى بالذم والسب منه.