البدائع بلد الروائع: هذه الكلمات ترددها أفواه الشباب من أهل البلد من بعد أن رأت عيونهم روائع مدينتهم, هذه الكلمات هي لحن نشيدهم الذي يعشقون بعد أن أصبحوا على ترانيم هذه التحفة الفنية. إنه حلم و مع الأيام أصبح حقيقة تلامس الواقع, و واقع جميل يشهده الجميع, و جهد ملحوظ يشكره من لامسه, و عاشه, أو مر بطيفه و صافحه, و أمل يستمتع به كل من يعيش لحظاته أو ينتظر غده بمفاجأته. فالبدائع هي بحق بلدٌ تجمع كل رائعة, و تحتوي كل عمل بديع. القصيم من نجد للسلطة العثمانية. و هي ثمرة من ثمار الغرس المبارك بفضلٍ من الله ثم من أبناء البلد الذين لم يألوا جهداً في الرقي ببلدتهم, و النهوض بمحافظتهم, حتى لامست أرقى المدن الحضارية, بل و تعدتها لمصاف المدن ذات الطابع الخاص. و لقد كان للأرض الطيبة في تلك البلد أثر في عمارتها و نموها, فخصوبة أراضيها, و وفرة المياه الجوفية و قربها. جعل الناس تفد إليها و تستوطن فيها. بل جعلها الله محل بركة و مكان رزق لعبادة, فكل قادم إليها يجد رغبته في أطرافها, فالمساكن أسعارها معقولة, و الأراضي ممتدة, و شاسعة, و واسعة, و كثيرة, و بمتناول الأغلبية, و خدماتها الحكومية مكتملة. هي مدينة تحتضنها مجموعة كبيرة من البساتين, و هي مدينة بوسط حديقة تتزين بالرياحين, هي مدينة تحيط بها صحراء جميلة, هي مدينة سقاها الماء من الأودية التي حولها فغدت واحة وارفة رائعة, و إزدانت بالرمال الذهبية التي تتلألأ من حولها فجمعت بين متناقضات الطبيعة.
الفصل الرابع لم يغيِّر فوز ابن سعود في الخرج موقف الترك تجاه ابن الرشيد وابن الصباح، فظلُّوا يجافون هذا ويعلِّلون ذاك بالوعود. ومع ذلك فقد عاد ابن الرشيد إلى الحفر بعد تلك الهزيمة واستأنف الغزو، فأغار على عريبدار قُرْب الكويت، وعلى سبيع في الدهناء، وعلى عتيبة قرب الأرطاوية، ١ ثم باشر محاصرة الكويت فأرسل الشيخ مبارك يُعلِم «ولده» عبد العزيز بذلك ويستنجده. والدهر في الناس قُلَّب … فقد صار منجِدًا مَن كان بالأمس مستنجِدًا. وكان عبد العزيز بعد شهرٍ أقامه في الرياض قد غزَا عرب مطير في الصمان، وعتيبة في عِرق رَغبة بين الوشم وجبل طويق. ممَّا يدل على أن النزعات أو المصالح بدأت تشقُّ القبائل فصار قسمٌ منها يدين لابن سعود، وقسم لابن الرشيد، فيَغير هذا على عتيبة مثلًا السعودية، ويَغير ذاك على عتيبة الموالية لابن الرشيد. من جبال القصيم. لبَّى عبد العزيز دعوة الشيخ مبارك فسار فزعًا إلى الكويت بجيش لا يقلُّ عن العشرة آلاف، وهو الذي خرج منها بأربعين ذلولًا أجرب منذ سنتين. فرحبت الكويت به وهلَّلت له، وانضمَّ منها إلى جيشه ما كان قد جنَّده مبارك بقيادة جابر بن الصباح، ثم خرج الاثنان جابر وعبد العزيز غازيَين طالبَين ابن الرشيد.