ذم الجدال والمراء والنهي عنهما سنتناول في فقراتنا التالية ذم الجدال والمراء والنهي عنهما بالاستدلال من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة: ذم الجدال والمراء والنهي عنهما في القرآن الكريم يقول الله تعالى في سورة البقرة الآية 197 (فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ)، وقال ابن مسعود رضي الله عنه في قول الله تعالى لا جدال في الحج أي أن تماري صاحبك لكي تغضبه، وعن ابن عمر رضي الله عنه (الجدال المراء والسباب والخصومات)، وعن ابن عباس رضي الله عنه (الجدال: المراء والملاحاة حتى تغضب أخاك وصاحبك، فنهى الله عن ذلك)، وهو ما قال فيه السدي (قد استقام أمر الحجِّ فلا تجادلوا فيه). ويقول في ذلك الطبري (اختلف أهل التأويل في ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: النهي عن أن يجادل المحرم أحدًا. معنى كلمة المراجل. ثم اختلف قائلو هذا القول، فقال بعضهم: نهى عن أن يجادل صاحبه حتى يغضبه)، وفي قول الله تعالى في سورة البقرة الآية 204 (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ) ففي تفسير الآية الكريمة يقول العيني (أي شديد الجدال، والخصومة، والعداوة للمسلمين). كما ويقول تعالى في سورة آل عمران الآية 66 (هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)، وفي ذلك يقول الطبري (يعني بذلك جلَّ ثناؤه: ها أنتم: هؤلاء القوم الذين خاصمتم وجادلتم فيما لكم به علم من أمر دينكم الذي وجدتموه في كتبكم، وأتتكم به رسل الله من عنده، وفي غير ذلك مما أوتيتموه، وثبتت عندكم صحته، فلم تحاجُّون؟ يقول: فلم تجادلون وتخاصمون فيما ليس لكم به علم).
والسؤال الذي يطْرَح نفسَه: في أيِّ شيء يُريد القوم مساواةَ المرأة بالرجل؟ في الخَلْق والتكوين، أم ماذا؟! والمساواة التي تُنادي بإلْغاء كلِّ الفوارق بيْن الرجل والمرأة غيرُ مقبولة علميًّا، وعمليًّا، وفوق ذلك بِدْعٌ مِن القول لَم يقل بها أحدٌ مِن العلماء الراسخين في القديم ولا في الحديث. ويقول الشيخ بكر أبو زيد - رحمه الله -: "إنَّ هذه المطالبَ المنحَرِفة، تساق باسمِ " تحرير المرأة " في إطار نظريتين، هما: " حرية المرأة "، و" المساواة بيْن الرجل والمرأة "، وهما نظريتان غربيتانِ باطلتانِ شرعًا وعقلاً، لا عهدَ للمسلمين بهما، وهما استجرارٌ لجادَّة الأخسرين عملاً، الذين بغَوْا من قبل في أقطار العالَم الإسلامي الأُخرى، فسعوا تحت إطارِهما في فتنة المؤمنات في دِينهنَّ، وإشاعة الفاحِشة بينهنَّ... معنى كلمة المراء. " [6]. ولقوَّة الفوارق الكونيَّة القَدريَّة والشرعيَّة بين الذَّكر والأنثى، صحَّ عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه لعَن المتشبه من النوعيْن بالآخَر، ولا شكَّ أنَّ سبب هذا اللعْن هو محاولة مَن أراد التشبُّهَ منهم بالآخر لتحطيمِ هذه الفوارق التي لا يُمكن أن تتحطَّم، لماذا؟ لأنَّ الشريعة الإسلامية في أحكامها تجْري وَفقًا لقانون التساوي والاخْتِلاف، فتساوي في الأحكام بيْن المتماثلين في مناطِها، وتخالِف في الأحكام بين المختلفين في مناطِ هذا الحُكم، وهذا النَّهْج القويم هو الذي يُحقِّق المساواة الحقيقيَّة بين المكلَّفين، وهو مقتضَى العدْل، وسُنَّة الله في التشريع، كما هي سُنَّته في الثواب والعِقاب.