وهي لفتة عجيبة أن يكون هذا الوعد الصريح في هذه السورة الاجتماعية، وهي إشارة واضحة إلى أن أجيال النصر لا بد لها من إعداد كامل يبدأ من البيوت والأسر، ثم بيوت الله، وقد تحدثت السورة عنها؛ فهي التربية الحقيقية والإعداد الروحي. ولم تترك الآيات هذا، بل أكدت وبينت مؤهلات جيل النصر من عبادة وإعداد، فالغاية غالية، والثمن لا بد أن يكون كذلك. وهو ما فعله الغزالي لما زار المسجد الأقصى، فنعى للأمة أن واحسرتاه، ليس في "الأقصى" إلا خمسمائة حلقة علم، وكتب (إحياء علوم الدين) لأن الأمة كانت أقرب إلى المادية منها إلى الإعداد الروحي والعبادة. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة النور - الآية 63. وهكذا فعل صلاح الدين الذي قاد جيوش الفتح من بعد ما أسس المدارس وبنى المساجد. وهي نفسها الأمور التي نحتاجها في أيامنا هذه؛ فالنصر منحة، ومنح الله لا تهدى للعصاة، فضلا عن المتشككين بالله ورسوله ودينه. *أكاديمي أردني
أي: فليحذر وليخش من خالف شريعة الرسول باطنا أو ظاهرا ( أن تصيبهم فتنة) أي: في قلوبهم ، من كفر أو نفاق أو بدعة ، ( أو يصيبهم عذاب أليم) أي: في الدنيا ، بقتل ، أو حد ، أو حبس ، أو نحو ذلك. قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد نارا ، فلما أضاءت ما حولها. جعل الفراش وهذه الدواب اللاتي [ يقعن في النار] يقعن فيها ، وجعل يحجزهن ويغلبنه ويتقحمن فيها ". قال: " فذلك مثلي ومثلكم ، أنا آخذ بحجزكم عن النار هلم عن النار ، فتغلبوني وتقتحمون فيها ". أخرجاه من حديث عبد الرزاق
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا الحكم بن بشير، قال: ثنا عمرو بن قيس، عن جُويبر، عن الضحاك، في قول الله: ( قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا) قال: كانوا يستتر بعضهم ببعض، فيقومون، فقال: ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) قال: يطبع على قلبه، فلا يأمن أن يظهر الكفر بلسانه فتُضرب عنقه. حدثنا ابن القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، قوله: ( قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا) قال: خلافا. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قَال ابن زيد، في قوله: ( قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا) قال: هؤلاء المنافقون الذين يرجعون بغير إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: اللواذ: يلوذ عنه، ويروغ ويذهب بغير إذن النبيّ صلى الله عليه وسلم ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) الذين يصنعون هذا أن تصيبهم فتنة، أو يصيبهم عذاب أليم. الفتنة هاهنا: الكفر، واللواذ: مصدر لاوذت بفلان ملاوذة ولواذا، ولذلك ظهرت الواو، ولو كان مصدرا للذتُ لقيل: لياذا، كما يقال: قمت قياما، وإذا قيل: قاومتك، قيل: قواما طويلا.