masonicoutreachservices.biz

masonicoutreachservices.biz

النوم مع العدو

Thursday, 11-Jul-24 03:01:55 UTC

نستطيع القول أنّ هذه الرحلة التي سيحتضنها مجدداً كاليري كاف – الأشرفية بين 6 حزيران و27 منه، بين الرابعة عصراً والحادية عشرة ليلاً، خطوة نحو مأسسة فكرة "النوم مع العدوّ" وتعميمها. هذه الفكرة التي كان الغرض الأول منها إقامة سلسلة للهدم والتكسير للتابوات، الدين، المجتمع، والنضال أشدّ النضال ضد الصنميّة المستشرية في مجتمعنا. هذه المغامرة محفوفة بعمليات تدوير الزوايا ومشغولة بكثير من الإنسيابية والاستغراق في كسر الخطوط المستقيمة وإعادة تركيبها في توليفة جديدة عصرية وهادفة. تحدّي الأنوثة الإضافة الجديدة اليوم تتمثل بمشاركة التشكيليّة سارة شعّار في فاعليات المعرض. سارة الآتية من عالم السّرد في اللوحة، سيشكّل وجودها علامة فارقة، بعد أسئلة كثيرة وجّهت للمعدّين عن وجود الوجه الأنثوي في المشغل. تنجمُ مشاركة سارة الآن، وغيرها من الفنانات التشكيليّات لاحقاً عن ملل وسقم من الهوّة الاعتباطية الموجودة في علاقة الرّجل بالمرأة. النوم مع العدو! .. بقلم حمدي رزق. علاقة تقوم على مبدأ المسؤوليّة وتحويل المرأة إلى مجرد محلّ ومحطّ للشفقة والاهتمام الدائم واللازم. هذه العلاقة الفجّة بين الفنانين والمرأة بشكل عام وسارة بشكل خاص ستتجلى من خلال تناول أفكار عديدة من شأنها كسر النمطيّة الرائجة؛ أوّلها مساواة الرجل بالمرأة، ليست المساواة المموّهة، بل التامة التي تجعلُ المرأة عنصراً حاضراً وكاملاً.

النوم مع العدو! .. بقلم حمدي رزق

التغير الثاني هو ارتفاع عدد المشاركين من ثلاثة إلى تسعة، ويفسر هذا التحول أحد الفنانين المشاركين بفقدان شبكات الأمان، بعد تفاقم الأزمة الإقتصادية وتوقف البيع كلياً، فأتت الرغبة بالخروج من العزلة والتآزر والتعاون لتشييد "بناء يحمي الجميع" حيث يتشاطر كل فنان الأسئلة مع الآخر، وينطبق ايضاً على المبيعات من اللوحات التي تقسم بشكل متساو على الجميع (والقيمتان أيضا). من ناحية أخرى، تعكس رغبة الفنانين في الإبتعاد عن الفضاء المؤسسي ولو مؤقتاً، ازدياد الريبة من مصادر التمويل التي تصب في عالم الفن (التي أثبتت ارتباطها الوثيق بالسلطة والمصارف). لا يقول المشاركون ذلك بشكل مباشر، إلا أن الإمتناع عن قبول اي دعم مادي وتشارك تكاليف إيجار المكان في ما بينهم يأتي في هذا السياق. ساعد اختيار هذا الإتجاه، ولادة ميل عند بعض الناشطين لتذنيب أي فنان يستفيد ماديا خلال الأزمة (عبر اعمال تتناول الإنتفاضة)، ما عزز الحذر عند الفنانين من الإنخراط في سياقات الإستثمار التقليدية، كما دفع الجميع إلى البحث عن مصادر للتمويل خارج لبنان (ما ينطبق على "النوم مع العدو" التي تحاول الإعتماد على السوق الخارجي). طبعا، رفض المشاركون إستغلال لحظة الإنتفاضة أو الاستثمار فيها، كما حصل في المعارض التي استضافتها بعض الغاليريهات مؤخراً (مثلا غاليري جانين ربيز و Art on 56th) فلا نجد بين الأعمال المبعثرة في المكان المفتوح امام الجمهور، استعمالا مباشرا للرموز والإشارات التي تحيل للتظاهرات، كما أن تخفيض الأسعار الكبير الذي حصل (هناك ثلاثة أحجام لوحات هي A4 وA3 وA2 توزع أسعارها بين 200 ألف ليرة، 400 ألف ليرة و600 ألف ليرة) والحديث عن الرغبة في إيصال الفن إلى فئات لم يكن بمقدورها دفع ثمنه في السابق، يظهر الميل إلى تحدي نخبوية الوسط الفني، التي تحاول حصر الجمهور تلقائياً في شرائح معينة تنتمي للطبقات العليا والوسطى.

من هنا أتى استعمال المشاركين عنوانا فرعيا للحدث هو "ممنوع التهذيب" الذي يمثل الرغبة بإظهار الواقع بعناصره النافرة وتناقضاته التي لا تناسب حكما فضاء الغاليري، الذي يستعمل "الرقي والتهذيب" كأداة للإقصاء ونفي الفئات المختلفة. لا ينفصل هذا العنوان عن اعتراف المشاركين باختلافاتهم والعداء الكامن بينهم، ما ينسحب على رؤيتهم للمجتمع، والآخر، والإنتفاضة، وهي رؤية تتعارض مع رؤية "الفن السائد" والغاليريهات للمنتفضين في الشارع وتريد حشرهم في شعارات تحيل إلى الهوية الجامعة التي تمحي التناقضات وعلاقات القوة بينهم، وهي على كل حال نظرة تنسحب إلى المجتمع ككل.