س: هل تصح الصلاة للمنفرد خلف الصف؟ وهل يجوز له سحب أحد المصلين من الصف الأمامي بدلاً من الصلاة بعد الجماعة لوحده؟ ج: لا يجوز للمنفرد أن يصلي خلف الصف، ولا تصح صلاته، لقول النبي ﷺ: لا صلاة لمنفرد خلف الصف [1] ولأنه ﷺ رأى رجلًا يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة بل عليه أن يلتمس فرجة حتى يدخل فيها، فإن لم يجد صف عن يمين الإمام إن أمكن ذلك، إلا وجب عليه الانتظار حتى يأتي من يصف معه، ولو خاف أن تفوته الصلاة، فإن انقضت الصلاة ولم يأته أحد صلى وحده. والواجب على كل مسلم أن يبادر للصلاة مع الجماعة، وأن يحرص على إدراكها كاملة مع الجماعة في بيوت الله، وهي المساجد؛ لقول الله عز وجل: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى الآية [البقرة:238]، وقوله عز وجل: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعََ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43]، وقول النبي ﷺ: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر [2] قيل لابن عباس رضي الله عنهما: ما هو العذر؟ (قال خوف أو مرض)، وثبت عنه ﷺ أنه سأله رجل أعمى فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له ﷺ هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم.
وقال المباركفوري رحمه الله: فِيهِ دَلالَةٌ عَلَى أَنَّ الصَّلاةَ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ لا تَصِحُّ، وَأَنَّ مَنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الصَّلاةَ[3]. ودلَّ على ذلك -أيضًا- ما رواه أحمد و ابن ماجه من أن عَلِيَّ بْنَ شَيْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجْنَا حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَبَايَعْنَاهُ وَصَلَّيْنَا خَلْفَهُ، ثُمَّ صَلَّيْنَا وَرَاءَهُ صَلَاةً أُخْرَى، فَقَضَى الصَّلَاةَ فَرَأَى رَجُلًا فَرْدًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ، قَالَ: فَوَقَفَ عَلَيْهِ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ انْصَرَفَ، قَالَ: «اسْتَقْبِلْ صَلَاتَكَ لَا صَلَاةَ لِلَّذِي خَلْفَ الصَّفِّ» [4]. وقال السندي رحمه الله في حاشيته على ابن ماجه: ظَاهِر الْحَدِيث بُطْلان صَلاة مَنْ يَفْعَلُ كَذَلِكَ[5]. حكم صلاة المنفرد خلف الصف| الشيخ محمد بن العثيمين رحمه اللّه - YouTube. ونقل الصنعاني تعليق البيهقي على الأمر: الاختيار (الذي يراه من الجواز أو عدمه) أن يُتَوَقَّى ذلك لثبوت الخبر المذكور[6]. وهذا ما ننصح به قرَّاء الكتاب، وهو أن يخرجوا من هذا الخلاف بتجنُّب الصلاة منفردين خلف الصفِّ ما دام هناك مكان في الصفِّ الأخير، أو أحد الصفوف قبله.
والمصلي والمار لهما أربع صور: صورة يأثمان فيها معاً وهي إذا كان المصلي متعرضا لم يستتر، وكان المار يجد مندوحة أي مكاناً يمر فيه فتعمد المرور بين يدي المصلي فهما آثمان، المصلي آثم لأنه لم يستتر، والمار آثم لأنه وجد مكاناً يمر منه فاختار ما بين يدي المصلي. والصورة الثانية لا يأثم فيها واحد منهما: وهي إذا كان المصلي مستتراً غير متعرض، وكان المار لا يجد مندوحة لا يستطيع إلا الخروج من ذلك المكان، إذا كان المصلي يصلي هنا في هذا المكان وهو مستتر بالجدار وليس وراءه أية فرجة، وكنت أنت لا بد أن تمر لإنقاذ إنسان مثلاً أو لحاجة ضرورية لا بد منها فمرورك بين يديه ليس فيه في ذلك الوقت إثم عليك، ولا عليه فهو، قد فعل ما أمر به من الاستتار وأنت مضطر للخروج والإثم مرفوع عن المضطر، لقول الله تعالى: { وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه}. الصورة الثالثة يأثم فيها المار فقط دون المصلي، وهي إذا كان المصلي متعرضاً غير مستتر، وكان المار يجد طريقاً يسلكه غير الذي بين يدي المصلي فاختار الذي بين يدي المصلي، فالمار آثم والمصلي غير آثم، وهذا الذي جاء فيه: " لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن ينتظر أربعين خير له "، أربعين يمكن أن تكون أربعين يوماً أو أربعين سنة المهم المبالغة في العدد.
وقالت طائفة من أهل العلم بل يكون خلف الصف، ويجذب من هو في الصف، وهذا الجذب يترتب عليه أمران: الأمر الأول أنه إذا كان في هيئة بناء الصف يكون خلف الإمام، فأول كل صف ينبغي أن يكون من قبالة ظهر الإمام، والذي يقابل ظهر الإمام عادة هم أهل الثقة الذين يوكل إليهم شأن الصلاة، لما أخرج مسلم في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ".
الثاني: فتح فرجة في الصف، وهذا قطع للصف، ويخشى أن يكون هذا من باب قطع الصف الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم من قطع صفا قطعه الله. الثالث: أن فيه جناية على المجذوب بنقله من المكان الفاضل إلى المكان المفضول. حكم صلاة المنفرد خلف الصف – اسأل د. راغب السرجاني| قصة الإسلام. الرابع: أن فيه جناية على الصف لأن جميع الصف سيتحرك لانفتاح الفرجة من أجل سدها. انتهى. ومن خلال هذا يتبين أن السائل الكريم كان عليه أن يستمر في الصف ولا يرجع، وما فعل لا يبطل صلاته لأن المشي خطوة أو خطوتين لا تبطل الصلاة به مع كراهة ذلك لغير حاجة كما نص عليه النووي وغيره. والله أعلم.
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد: فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية. من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،... ) وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد. من هـــــــــــنا