فكل من قتل نفسه بشيء عُذِّب به يوم القيامة، سواء قتل نفسه برصاص أو شنقا بحبل أو ضرب نفسه يريد قتلها فقتلها ونحو ذلك من صور قتل النفس. الفائدة الثالثة: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "خَالِدا فِيهَا أَبَدا" فيه إشكالان: • الاشكال الأول: الحديث دليل على أن من قتل نفسه فهو خالد مخلد في نار جهنم (أبدا) ولم ترد كلمة (أبداً) فيمن قتل مؤمنا متعمدا، قال تعالى: ﴿ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا ﴾ فهل معنى هذا أن قتل النفس أعظم جرما من قتل المؤمن متعمدا؟ الجواب: نعم قتل النفس عمدا أشد جرما من قتل المؤمن عمدا من وجهين: الأول: أن من قتل غيره معه فسحة للتوبة، فلو تاب من هذه الكبيرة بعد القتل تاب الله عليه، بخلاف قاتل نفسه فإنه يموت حال فعله لهذه الكبيرة. الثاني: أن قاتل غيره قد يكون الحامل له على القتل عداوة بينه وبين الذي قتله، بخلاف قاتل نفسه فإن العداوة بينه وبين ربه جل وعلا، لأنه لا يكون الحامل على الانتحار إلا الجزع وهذا اعتراض على القدر فهو إما أن يكون قاتلا لنفسه جزعا مما أصابه من قدر الله عز وجل، وإما أن يكون جزعا مما أصابه من بني آدم. [انظر التعليق على صحيح مسلم لشيخنا ابن عثيمين (1 /361)].
هذا ومن الأحاديث الواردة عن قتل النفس المعصومة (قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا)، وحديث جاء فيه (من قتل معاهدا من غير كنه حرم الله عليه الجنة)، ومن أحاديث جاء فيها (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون مظلمته فهو شهيد). هذا ما أردت أن أذكره عن حالات قتل النفس المعصومة المحرمة التي تحدث يوميا بأيدي من يقتلون الناس الأبرياء الذين ليس لهم ذنب أو جناية، لذا فعسى الله أن يحفظ أنفس المسلمين من القتل بغير حق، وهو القادر على ذلك.