ونسأل الله أن يهدي قلوبنا بهداية رُسله، وأن يوفقنا لشُكر أنعُمِه، وأن يُنير قلوبنا بنور القرآن والسنة المحمدية، ويعصمنا من الزيغ والضلال، واتباع الهوى وطاعة الشيطان.
الإعراب: الواو استئنافيّة (بالحقّ) جارّ ومجرور متعلّق بحال من الهاء في (أنزلناه) أو من الفاعل (أنزلناه) فعل ماض وفاعله.. والهاء ضمير مفعول به الواو عاطفة (بالحقّ) مثل الأول، (نزل) فعل ماض، والفاعل هو أي القرآن الواو عاطفة (ما) نافية (أرسلناك) مثل أنزلناه (إلّا) أداة حصر (مبشّرا) حال منصوبة من ضمير الخطاب (نذيرا) معطوف على (مبشّرا) بالواو منصوب. جملة: (أنزلناه... ) لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: (نزل... ) لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة. وجملة: (أرسلناك... 106- الواو عاطفة (قرآنا) مفعول به لفعل محذوف يفسّره ما بعده، (فرقناه) مثل أنزلناه اللام للتعليل (تقرأه) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام.. والهاء ضمير مفعول به والفاعل أنت (على الناس) جارّ ومجرور متعلّق ب (تقرأه)، (على مكث) جارّ ومجرور حال من فاعل تقرأ أي متمهّلا. والمصدر المؤوّل (أن تقرأه.. ) في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (فرقناه). الواو واو الحال (نزّلناه) مثل أنزلناه (تنزيلا) مفعول مطلق منصوب. وجملة: فرقنا (قرآنا... ولقد ءاتينا موسى الكتاب فاختلف فيه. ) لا محلّ لها معطوفة على جملة أنزلناه. وجملة: (فرقناه... ) لا محلّ لها تفسيريّة. وجملة: (تقرأه... ) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر.
﴿ فَاسْأَلْ ﴾ يا محمد ﴿ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ ﴾ موسى، يجوز أن يكون الخطاب معه، والمراد غيره، ويجوز أن يكون خاطبه عليه السلام، وأمره بالسؤال؛ ليتبين كذبهم مع قومهم ﴿ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا ﴾؛ أي: مطبوبًا سحروك، قاله الكلبي. وقال ابن عباس: مخدوعًا، وقيل: مصروفًا عن الحق، وقال الفراء وأبو عبيدة: ساحرًا، فوضع المفعول موضع الفاعل، وقال محمد بن جرير: معطى علم السحر، فهذه العجائب التي تفعلها من سحرك. تفسير القرآن الكريم مرحباً بالضيف
ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ولقد آتينا موسى الكتاب أي التوراة وقفينا من بعده بالرسل أي أرسلنا على أثره الرسل، كقوله سبحانه وتعالى: ثم أرسلنا رسلنا تترى. يقال قفاه إذا تبعه، وقفاه به إذا أتبعه إياه من القفا، نحو ذنبه من الذنب وآتينا عيسى ابن مريم البينات المعجزات الواضحات كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص، والإخبار بالمغيبات. تفسير: (ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل). أو الإنجيل، وعيسى بالعبرية أبشوع. ومريم بمعنى الخادم، وهو بالعربية من النساء كالزير من الرجال، قال رؤبة: قلت لزير لم تصله مريمه. ووزنه مفعل إذ لم يثبت فعيل وأيدناه وقويناه، [ ص: 93] وقرئ « آيدناه » بالمد بروح القدس بالروح المقدسة كقولك: حاتم الجود، ورجل صدق، وأراد به جبريل. وقيل: روح عيسى عليه الصلاة والسلام، ووصفها به لطهارته عن مس الشيطان، أو لكرامته على الله سبحانه وتعالى ولذلك أضافه إلى نفسه تعالى، أو لأنه لم تضمه الأصلاب والأرحام الطوامث، أو الإنجيل، أو اسم الله الأعظم الذي كان يحيي به الموتى، وقرأ ابن كثير « القدس » بالإسكان في جميع القرآن أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم بما لا تحبه.
بقي أن يقال هنا: إن العدد الذي نصت عليه الآية، ليس هو على سبيل الحصر؛ إذ إن العدد على رأي بعض أهل الأصول لا مفهوم له؛ ومن هنا قال الرازي: "وتخصيص التسعة بالذكر لا يقدح فيه ثبوت الزائد عليه؛ لأنا بينا في أصول الفقه أن تخصيص العدد بالذكر، لا يدل على نفي الزائد"،ونحو هذا قال الآلوسي.
ثم قال: ﴿ وأيدنا ﴾: أعطيناه القوة، والأيد - بفتح الهمزة وسكون الياء -: القوة، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ ﴾ [الذاريات: 47]؛ أي: بقوة شديدة، وقوله: ﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 17]؛ أي: ذا القوة الشديدة.