لقد تحلى الإمام محمد المهدي بعلم وورع وتقوى، وشخصية جذابة، وبُعْد نظر، وثاقب فكر، ورأي صحيح، وعزم شديد، وحرص أكيد على إتمام البناء الذي شيده والده، والعمل بكل جهد وقوة من أجل نشر الدعوة بين أهل البلاد القريبة والبعيدة في إفريقية الوسطى خصوصاً، حتى ذاع صيته، وتمكن السنوسيون بفضل الله تعالى ثم جهودهم المتواصلة من أن يصلوا بدعوتهم إلى قلب الصحراء الكبرى، وأطرافها، حتى جهات بحيرة تشاد وما يجاورها من إمارات إسلامية قديمة، أو قبائل زنجية وثنية، أو قبائل أخرى لم يكن قد صلح حال إسلامها بعد. (المهدي السنوسي، ص 134).
(انتشار الإسلام في القارة الإفريقية، د. حسن إبراهيم، ص 49). واستفادت الحركة السنوسية من هجرة القبائل العربية القديمة في إفريقية، وجددت الصلة معها، ونسقت معها في الدعوة وفي الجهاد ضد فرنسة، ومن أشهر هذه القبائل: أولاد سليمان، أولاد يعقوب، أولاد غنَّام، المحافيظ… وغيرها كثير، وكان قد استقر بعضها في مالي، وتشاد، والنيجر، ونيجيرية، والكاميرون. (جهاد الليبيين ضد فرنسة في الصحراء الكبرى ، محمد القشاط) وتمكن الإمام المهدي من أن يبني علاقات قوية مع الإمارات الإسلامية في واداي، وبرقو، وكانم وغيرها، واختط خطة حكيمة كانت مبنية على الحيطة والحذر من النفوذ الصليبي الأوروبي في إفريقية، ثم عدم التردد في مكافحة هذه الدول إذا جد الجد، كما فعل مع فرنسة. وواصل المهدي السنوسي سيره في فتح المراكز الإصلاحية، والمدارس القرانية، وبناء المساجد التي اهتمت بنشر الإسلام، وقام بإرسال دعاة ومبشرين بالإسلام، ودين الله، اشتهر منهم العلامة محمد عبد الله السني، والشيخ حمودة المقعاوي، وطاهر الدغماري، وغيرهم كثير. قصيدة طلب عون العبد. وقام المهدي بتقوية الصِّلات التجارية بين الزوايا وبين مراكز التجارة والأسواق المختلفة، ونتج عن ذلك استتباب الأمن في هذه الربوع وانتشار الطمأنينة، فقد زاد نشاط القوافل وأقدم المسافرون والتجار على قطع الفيافي والصحارى من غير تردد، فظهرت بوادر العمران في الطرق الصحراوية، وأصبح من الميسور على دعاة الحركة أن يصحبوا هذه القوافل وهؤلاء المسافرين والتجار في رحلاتهم وأسفارهم، ويدعوا إلى الإسلام، ويقضوا على الوثنية، ويعطلوا بذلك أعمال التنصير الذي تدعمه الدول الأوروبية في إفريقية.
قصيدة الشاعر: عبدالله بن عون ياراكب اللي - YouTube