ولأن حياته صلى الله عليه وسلم كانت تطبيقًا لكل أقواله، فإن السيدة عائشة – رضي الله عنها- تروي فتقول:"«مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلاَ امْرَأَةً وَلاَ خَادِمًا... » [7]. كما نجده صلى الله عليه وسلم يقول ل أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه عندما ضرب غلامًا له فيقول: "اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ، لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ". قال: فَالْتَفَتُّ فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: يا رسول الله، هو حُرٌّ لِوَجْهِ اللهِ. فَقَالَ: "أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ"، أَو "لَمَسَّتْكَ النَّارُ"[8]. حقوق الخدم والعمال. فالضرب أو الصفع أو اللطم أو الركل هو إهانة للخادم يأباها الله ورسوله؛ ولهذا فإن أفضل عقاب للسيِّد القاسي القلب هو أن يُحْرَم فورًا من مِلْكِيَّتِهِ، وهذه هي عظمة الإسلام وعظمة الحضارة الإسلامية. وهذا أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهد شهادة حقٍّ وصدق فيقول: «كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا، فَأَرْسَلَنِي يَوْمًا لِحَاجَةٍ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لاَ أَذْهَبُ - وَفِي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم - قَالَ: فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَابِضٌ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقَالَ: "يَا أُنَيْسُ، اذْهَبْ حَيْثُ أَمَرْتُكَ".
[١٤] أهميّة الاقتداء برسول الله مثّلت سيرة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- القدوة لجميع الناس؛ على اختلاف طبائعهم، وأجناسهم، وظروفهم، وبيئاتهم، ومراحل حياتهم، فقد كانت سيرته أفضل السِّيَر بما تضمّنته من الأخلاق الحسنة، والعادات الطيّبة، والعبادات، ويستطيع المسلم الاقتداء به -عليه الصلاة والسلام- مهما كان حاله على النحو الآتي: [١٥] يستطيع الغني الاقتداء بالنبيّ حين كان تاجراً. يقتدي الفقير به حين كان -عليه الصلاة والسلام- مُحاصَراً في شِعب أبي طالب، وحين هاجر من مكة إلى المدينة تاركاً أهله وماله ووطنه. يقتدي به الملك، والضعيف، والمعلّم، والتلميذ، والأب، والزوج، والصغير، والكبير، واليتيم، والداعية إلى الله، وأيّ أحدٍ في كلّ مرحلة قد يمرّ بها خلال حياته، وفي كلّ أمر قد يواجهه، فسيرته -عليه الصلاة والسلام- منهاج حياةٍ كاملة، ولنا في رسول الله الأسوة الحسنة، والنور الذي يُضيء الظلمات، والإرشاد الذي يهدي كل ضالّ. المراجع ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4786، صحيح. بحث عن حقوق الخدم والعمال. ↑ منقذ السقار (2009)، الدين المعاملة ، رابطة العالم الإسلامي، صفحة 45. بتصرّف. ↑ رواه الألباني، في صحيح الأدب المفرد، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 211، صحيح.