masonicoutreachservices.biz

masonicoutreachservices.biz

ولرب نازلة يضيق بها الفتى

Monday, 29-Jul-24 21:09:49 UTC

وكيف لا يكون المتوكل مؤمّلًا خيرًا بربه وهو يستمع لما قال إبراهيم عليه السلام {قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} آية 56 سورة الحجر فرزقه الله الذرية رغم ما وصل إليه من تقدم العمر لكنه ظلّ على أمل ويستمع إلى يعقوب عليه السلام {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} آية 87 سورة يوسف. لقد ظلّ يعقوب على أمل اللقاء بيوسف وأخيه رغم ما قيل أنها أربعون سنة كانت بين بيع أخوة يوسف له وبين ذهابهم إليه ليبيعهم الطعام.

امض في طريقك إلى الأمام

قال أحد الخلفاء يومًا لأحد علماء السلف: "ارفع إلينا حوائج دنياك نقضيها لك، فقال له العالم: إني لم أطلب حوائج الدنيا من الخالق فكيف أطلبها من المخلوق". يقصد بذلك أن الدنيا أهون عنده وعليه من أن يسألها الله سبحانه، فهو لا يسعى إلا لرضاه ولا يبتغي إلا جنته. إن العزّة الحقيقية ألا تطلب عند أبواب سلاطين الدنيا وإنما هي التي تطلب ويسعى لنيلها فقط عند باب الله وحده {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً} آية 15 سورة فاطر. وأما من يطلبون العزّة عند سلاطين الدنيا فإنما هم المنافقون والأذلاء {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} اية 138-139 سورة النساء، {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} آية 8 سورة المنافقون. الرضا وإن من ثمرات التوكل استشعار حالة الرضا بكل حال من الأحوال يكون فيها العبد، كما قال ﷺ: "عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرًا له وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرًا له ولا يكون ذلك إلا للمؤمن".

وأخيرا: يقول الداعية عائض القرني في كتابه لا تحزن: (يا إنسانُ بعد الجوع شبعٌ، وبعْدَ الظَّمأ ريٌّ، وبعْدَ السَّهرِ نوْمٌ، وبعْدَ المرض عافيةٌ، سوف يصلُ الغائبُ، ويهتدي الضالُّ، ويُفكُّ العاني، وينقشعُ الظلامُ { فَعَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ}. بشَّر الليل بصبح صادق يطاردُهُ على رؤِوسِ الجبال، ومسارب الأوديةِ، بشِّر المهمومَ بِفرجٍ مفاجئ يصِلُ في سرعةِ الضَّوْءِ، ولمحِ البصرِ، بشِّرِ المنكوب بلطف خفيٍّ، وكفٍ حانيةٍ وادعةٍ. إذا رأيت الصحراء تمتدُّ وتمتدُّ، فاعلم أنَّ وراءها رياضاً خضراء وارفة الظِّلالِ. إذا رأيت الحبْل يشتدُّ ويشتدُّ، فاعلمْ أنه سوف يَنْقطُعِ. مع الدمعةِ بسمةٌ، ومع الخوفِ أمْنٌ، ومع الفَزَعِ سكينةٌ. النارُ لا تحرقُ إبراهيم الخليلِ، لأنَّ الرعايةَ الربانيَّة فَتَحتْ نَافِذَةَ { بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ} البحرُ لا يُغْرِقُ كَلِيمَ الرَّحْمَنِ، لأنَّ الصَّوْتَ القويَّ الصادق نَطَقَ بـ { كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}. المعصومُ في الغارِ بشَّرَ صاحِبهُ بأنه وحْدَهْ جلَّ في عُلاهُ معنا؛ فنزل الأمْنُ والفتُح والسكينة. إن عبيد ساعاتِهم الراهنةِ، وأرِقّاءَ ظروفِهِمُ القاتمةِ لا يرَوْنَ إلاَّ النَّكَدَ والضِّيقَ والتَّعاسةَ، لأنهم لا ينظرون إلاَّ إلى جدار الغرفةِ وباب الدَّارِ فَحَسْبُ.