masonicoutreachservices.biz

masonicoutreachservices.biz

سلام على الدنيا اذا لم يكن بها

Thursday, 11-Jul-24 01:50:55 UTC
اكمل الجملة سلام على الدنيا اذا لم يكن بها

سلام علي الدنيا اذا لم يكن بها صديقا صدوقا

ولا يمكن لنا أن نصف من يعنى برواية رومانسية بأنه معني بخيالات وأحاسيس من عصر معين ليس هو بعصرنا الراهن ولا الآتي.. فالزمان بيتٌ يضمّ مختلف التوجهات كعناصر في كل رواية تتمثـّل في تضاعيفـها تواقيع عصور تذكر عنها ولا تذكرها جيداً، وتتموج بين سطورها ذاكرة بقعة من الأرض تلمح ما عليها ولا تلمحها جيداً.. فلكل رواية همها الذي يستمد أهميته من أهمية المهتمين به، ومن بداهة القول إن شباب اليوم هم الأكثر أهمية لدى مختلف الشعوب.. وبمقدور الرواية، إن استهدفت، أن تعود بك إلى أزمنة طالما سمعت عنها ولم يتح لك غير السماع. كأن تسرد عليك حكاية عن مأساة هذا مع المرض أو الاضطهاد، أو سيرة امرأة ضحّت من أجل وليدها أو والدها، أو بطل رفع رأس قبيلته أو أمته.. وهكذا.. سلام على الدنيا إذا لم يكن بها صديق صدوق صادق الوعد منصفًا. حكايات لك أن تقرأها وتتأثر بها ولكنك لا تجد دورك فيها، أو تجد دورك فيها ولكنك لا تمتاز بمعايشته ولا يأخذك الفضول إلى الرغبة بمعرفة ما يدور في الإطار الآخر الذي ينتصب على مسافة منك أو من قراءتك لما يُروى عنه. وهذا قد يكون كافياً لعزوف شبابنا عن البقاء مدة أطول في أجواء الروايات التوثيقية بكل أبعادها ومفرداتها الضاربة في الجذور، والغائبة بعض الشيء عن واقعنا المعاش في اللحظة الراهنة.

سلام على الدنيا اذا لم يكن بها

(أحسن الله عزاءنا جميعاً في فقيد الفن: المقالة، والسرد، والمسرح، والغناء.. الأستاذ سليمان الحماد - رحمه الله -).. كانت هذه رسالة - واتس أب - أتتني من أخي الكبير الشاعر عبد الله الزيد يوم الأربعاء 18 مارس 2015، وكعادة الأقدار معي في فَقْد من أحببتهم كنتُ خارج المملكة، ولم أتمكن من المشاركة في تشييع جنازته والصلاة على الميت الحاضر - يرحمه الله -.. سلام على الدنيا اذا لم يكن بهار. ولأنني لا أزال بعيداً عن مكتبتي سيكون حديثي الآن شخصياً، وسأكمل لاحقاً بحديث أدبيّ حين أعود إلى أعمال سليمان الحماد الأدبية التي عايشتُ ما قبل أواخرها. رحمة الله عليه، كل ذكرياتي معه طيبة، لم أر منه إلا الطيبة والخير حتى في اختلافاتنا، ولو أردت أن أكتب عن كل محطات الطيبة والخير التي وقف بها معي أو مع غيري أمام عيني لما كفاني كتابٌ كاملٌ عنه - وهو يستحق - غير أنني أخشى أن يتعارض بعضُ ذلك مع رغبته التي ظهرت جلية باختفائه المتعمّد عن المشهد الأدبي كتابة ونشراً وحضوراً، منذ ما قبل وفاته بسنوات.. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته. سألقي فقط بعض إضاءات سريعة على مراحل مفصلية من علاقتي به التي دامت عشرين عاماً تخللتها فترات تباعد عادة ما كانت بسبب سفري المتواصل ثم أصبحت بسبب غيابه عن مقعده في إدارة النادي الأدبي بالرياض، وهو أحد مؤسسيه وكان النادي عنوانه الدائم حيث لم يكن غيره يداوم نهاراً - بهدوء يشجعني على تكرار الزيارة!

- ثم بعد هذا الغياب بدا غيابه كلياً وإصراره على اعتزال شامل - غير معلن - حتى في التواصل مع الناس الذين كانوا مقربين إليه، كنتُ إذا سألتُ أحداً عنه قال: أنا كنتُ سأسألك!. كانت أول زيارة أقوم بها للنادي الأدبي في أحد نهارات العام 1995، وبدا لي النادي أشبه بالبيت الكبير المهجور برغم انفتاح بوّابته الخارجية وبابه الداخلي.. دخلتُ أتلفّت وأنادي: هل من أحد هنا؟ فسمعتُ صوتاً ضاحكاً: تفضّل.. تبعتُ الصوت لأدخل آخر غرفة في اليسار وأجد سليمان الحماد.. الذي أعرفه جيداً من صوره التي كثيراً ما كانت تظهر في الصحف.. والغريب أنه هو أيضاً عرفني، برغم أنني كنتُ لا أزال في بداياتي. سلام علي الدنيا اذا لم يكن بها صديقا صدوقا. انعقدت صداقة بيننا منذ اللقاء الأول، وصرنا نلتقي بشكل متواصل - شبه يومي - حتى حين قدّمتُ ديواني الأول (الخروج من المرآة) عام 1996 لرئيس النادي آنذاك الشيخ عبد الله بن إدريس، وكان سليمان الحماد مديراً وأميناً لسرّ النادي، تعرّفتُ وقتها على الأمانة الشديدة التي يلتزم بها هذا الرجل.. فبالرغم من فرحته بالإطراء والإشادات التي حظي بها مخطوط الديوان من قِبل لجنة التحكيم رفض الحمّاد رفضاً قاطعاً أن يخبرني بأسماء أعضاء اللجنة التي شكّلها النادي لفحص محتوى الديوان قبل نشره.. قال لي بصريح العبارة: لن أخون الأمانة من أجل الصداقة، فاللجنة سريّة وسأبقى أميناً على سرّيتها!