لكن شعيب تلطف معهم متجاوزا لإساءتهم إليه وسألهم سؤالا كان هدفه إيقاظ عقولهم { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللّه... } (الآية 92) (سورة هود). لكن قوم شعيب وصلوا لحد ضاقوا به ذرعا بشعيب. فاجتمع رؤساء قومه, وقرروا الدخول بمرحلة جديدة من التهديد, فهددوه أولا بالقتل، ثم تحولوا بتهديدهم بطرده من قريتهم, فخيروه بين التشريد، أو العودة إلى ديانتهم وملتهم التي تعبد الأشجار والنباتات, ولكن نبي الله شعيب أفهمهم أن مسألة عودته في ملتهم مسألة لا يمكن حتى التفكير بها فكيف بهم يسألونه تنفيذها, لقد نجاه الله من ملتهم، أنه هو الذي يدعوهم إلى ملة التوحيد, فكيف يدعونه إلى الشرك والكفر؟. نبي الله (8).. قصة النبي شعيب وأصحاب الأيكة - بوابة الشروق. دخل الصراع والمكابرة بقوم شعيب بأن بدئوا يطالبوه بأن ينزل عليهم العقاب فأنتقل الصراع إلى تحد من لون جديد. فراحوا يطالبونه بأن يسقط عليهم كسفا من السماء إن كان من الصادقين, وراحوا يسألونه عن عذاب الله: أين هو؟ وكيف هو؟ ولماذا تأخر؟ ساخرين منه.... وانتظر شعيب أمر ربه. فأوحى الله إليه أن يخرج المؤمنين ويخرج معهم من القرية. وخرج شعيب والمؤمنين, وجاء أمره تعالى كما وصف بالمصحف الشريف: { وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُود} (95) (سورة هود).
قال: (وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) لم يزل شعيب ماضيا في دعوته.. ها هو ذا يكرر نصحه لهم بصورة إيجابية بعد صورة النهي السلبية.. إنه يوصيهم أن يوفوا المكيال والميزان بالقسط.. بالعدل والحق.. وهو يحذرهم أن يبخسوا الناس أشيائهم.