استمرت لعنة الحب الفاشل تطارد الشاعر كامل الشناوي وتعذبه، وكان يعتقد أن الهجر قتله وأنه لم يبق إلا موعد تشييع الجنازة! وكان يجلس يكتب كل يوم عن عذابه، وكان يخيل إلى أنه كان يكتب كل يوم نعيه. وفوجئت به يتردد على المقابر، ولم تكن هذه عادته، وسألته ماذا حدث فابتسم ابتسامة حزينة وقال: أريد أن أتعود على الجو الذي سأبقى فيه إلى الأبد. وقد كتب يصف رحلته إلى المقبرة يقول: «ما أعجب هذه الصحراء، كل شيء فيها يشبه الآخر، الناس متشابهون في حركاتهم والانقباض البادي في مسحات وجوههم، القبور متشابهة، كلها أحجار وطوب وزهور، وماء يبل الثرى، كلها يضم عظاما نخرة... هنا، تحت المقابر تساوت الأعمار، والقيم، الشاب والشيخ، والذكي والغبي، من كان له مثل أعلى في الحياة، ومن غادر الحياة ولم يكن له فيها مثل أو هدف! ووصلت إلى المقبرة التي تعودت أن أزورها في أكثر من مناسبة، ففيها يرقد أحبابي الذين تركوا حياتي وذهبوا إلى حيث سنذهب مثلهم... حاولت أن أبكيهم فتعثرت الدموع في محاجري... كلمات رعاك الله. حاولت أن أرثيهم فلم تنطق مني إلا كلمات خرساء، ووقفت في خشوع، ثم جثوت فوق التراب الذي ضمهم بالأمس وسيضمني غداً، وحنيت رأسي إجلالا للموت الذي احتواهم بين ذراعيه... بهاتين الذراعين سيحتويني يوما!
ثمّة نظرية أخرى تقول إن موسم المشمش تزامن في تلك السنة التي لجأ فيها المزارعون إلى تحويل المشمش الفائض عن حاجة الاستهلاك بصيغته العادية المعتادة، إلى هذه الشرائح المجففة، مع رؤية هلال قمر جديد معلنًا بداية شهر رمضان جديد في العام نفسه الذي صُنع فيه قمر الدين. هنالك نظرية مماثلة منتشرة في مصر تُسند أصل الاسم إلى الخليفة الذي كان معروفًا باحتفاله مع قمر الدين عند رؤية الهلال في رمضان. من المعنيين من قال إن التسمية جاءت تيمنًا برؤية قمر شهر رمضان، ويقال في التراث إنه سمي بهذا الاسم نسبة إلى قرية شامية تسمى "أمر الدين"، ويُعدُّ أهلها أول من فكّروا بتجفيف المشمش لتخزينه لأطول فترة ممكنة نظرًا لقصر موسمه. رعاك الله – حسين الجسمي | كلمات. على سيرة الأمثال الشعبية، فثمة مثل متداول في بلاد الشام جميعها، تقريبًا، يتكوّن من مفردتيْن فقط لا غير: "جُمعة مشمشيّة"، وهو يقال للتدليل على فرحٍ عابرٍ، أو مسرّاتٍ لا تدوم، أو وئامٍ مؤقّت بين خصميْن، أو فترة ربحٍ مباغتٍ لصاحبِ محل، أو مصلحة، أو ما إلى ذلك. وكما هي حال المشمش الأب الشرعيّ لِقمر الدين، كذلك هي حال الابن المدلّل، فقمر الدين من بين باقي الأشياء والأجواء المرتبطة برمضان جميعها، يذوب في النسيان بمجرّد انقضاء الشهر الفضيل وانتهاء أيامه.