إنها تعكس الأمل الذي تحتوي عليه كل الأديان الرئيسية. بغض النظر عن محتوى هذه الأديان، فإنها تقدّم صورا ميتافيزيقية يعطي قبولها للمرء أملا بالخلاص، وقبولا للعلل والشرور الظاهر في الحياة. حتى لو لم تقدّم الأديان الحقيقة، وتدعي أن لديها معنى الحياة، فإنها تعكس الاقتناع بأنه هناك حقيقة ومعنى، مهما كان من الصعب فهمها أو التعبير عنها. قد يكون معنى الحياة متعلّقا بالله أو بالآلهة، وقد يكون غير إلهي، كما هو الحال في بعض مذاهب البوذية. لكن ما يميز التأمل البوذي من التأمّل الذهني الذي يسعى إلى إزالة الإجهاد والتوتر هو أن الأول يهدف إلى إنهاء المعاناة من خلال الاستكشاف الميتافيزيقي، فمن المفترض أن تنبثق السكينة والسلوان في البوذية من إدراك طبيعة الأمور -على وجه الخصوص، إدراك عدم أهميّة الذات- وهي خلاصة مؤثّرة عاطفيا. لكن أن تتصالح مع طبيعة الحياة من خلال التأمل والصفاء، أو من خلال العلاج النفسي، لا يعني اكتشاف معنى الحياة، لأنه لا يقصد اكتشاف أي حقيقة من هذا النوع. كتب ألبرت أينشتاين مرّة أنه لمعرفة الإجابة عن سؤال "ما معنى الحياة البشرية؟" عليك أن تكون متدينا. ولكن من حيث المبدأ هناك مساحة لسرديات غير دينية حول معنى الحياة، سرديات لا تستدعي أي شيء من خارج العالم كما كشفه لنا العلم.
إذا كنا بضعة من الكلمات في نصوص كونية، فسيكون من المثير للاهتمام أن نعرف معناها، لكن الجواب لن يكون له فحوى حقيقي لنا، بما يليق بمعنى الحياة. قد يعني "المعنى" الغاية أو الدور في نظام أكبر. هل يمكن للحياة البشرية أن تلعب هذا الدور؟ مرة أخرى، هذا ممكن، ولكن مرة أخرى، يبدو هذا غير ذي صلة هنا. في سلسلة كتب "هيتشهايكير" الخيالية لدوغلاس آدمز، نكتشف أن الأرض هي جزء من كمبيوتر كوني، صُمّم (يا للسخرية) لكشف معنى الحياة. فمهما كان هذا المعنى، فإن دورنا في برنامج الكمبيوتر ليس هذا هو المعنى. أي إننا إذا اكتشفنا أننا جزء من آلة كونية فهذا لا يماثل اكتشاف معنى الحياة وهذا لن يشفينا من أمراضنا الوجودية. بالنظر إلى عدم وجود طريقة أخرى لتفسير السؤال، يستنتج العديد من الفلاسفة أن السؤال بحد ذاته متهافت. فهم عندما يتكلمون عن وجود معنى في الحياة، فإنهم يقصدون معنى الحياة الفردية، أي مسألة ما إذا كانت هذه الحياة أو تلك ذات معنى بالنسبة إلى الشخص الذي يعيشها. لكن معنى الحياة في المطلق ليس مسألة فردية. إذا كان للحياة معنى فهذا المعنى ينطبق علينا جميعا. لكن هل هذه الفكرة منطقية؟ أعتقد أنها كذلك. يمكننا أن نحرز تقدما إذا تحولنا بعيدا عن الكلمات التي تشكل هذا السؤال -كلمة "معنى" على وجه الخصوص- إلى السياقات التي نشعر معها بأننا مجبرون على طرح هذا السؤال.