وبقوله تعالى في سورة المائدة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ... ﴾ 9. فالقواميّة للزوج على زوجته لا يجوز أن تنطلق من التحكّم والهوى والمزاج، بل يجب أن تكون قواميّة بما يرضي الله تعالى. الثاني: أنّ قوّامية الزوح على الزوجة وإن كانت مشتملة بنحو الموجبة الجزئية على نفوذ بعض أوامر الزوج على زوجته، ولكن ليست هذه الأوامر النافذة عبارة عن كلّ أمر يراه الزوج في صالح هذه المرأة كإنسانة، وإلاّ لكان المترقّب أن تكون الاُخت والبنت غير المتزوّجة أيضاً تحت ولاية الأخ والأب. الرجال... قوامون على النساء. فالزوجة مستقلّة في إنسانيتها لا قائم عليها في الإنسانية، فهي ليست مملوكة للزوج بالضرورة الفقهية، وليست نسبة الزوجة لزوجها كنسبة الولد الصغير بالنسبة لوالده الذي يحدّ من حريته كإنسان. ولذا نرى عندما يخاف الشقاق بين الزوجين ـ كما ذكرت الآية التي بعد آية القوامية ـ بصدور الاتهامات بينهما، فالزوج يقول لها: أنتِ ناشز، وهي تقول له: أنتَ ناشز، قالت الآية: ﴿... فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا... ﴾ 10 ، فإنّ التعبير بكلمة الحكم يعطي معنى الاستقلالية لكلٍّ من الزوجين، فليست هي تابعة له في كلّ ما يراه صالحاً لها.
سمعت أحد الشيوخ ذات مرة يقول: "الرجل يأخذ الدين مأخذ قوة وعزة.... والمرأة تأخذ الدين مأخذ ذل ومهانة" وهذه هي المشكلة. بعض الرجال يأخذون الدين بطريقة "لا تقربوا الصلاة"..... يقولون "الرجال قوامون على النساء".... معنى قوله تعالى الرجال قوامون على النساء - موقع الشيخ الفاضل صالح بن محمد باكرمان. وليس "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم".... يقولون "النساء ناقصات عقل ودين" كإساءة للمرأة بدون الرجوع لتفسير الحديث الشريف من الرسول (صلى الله عليه وسلم) شخصيا حينما سئل عن مقصده.
رقم الفتوى ( ٤١٥٨) السؤال: ياشيخ زوجي إذا قلت له شيئا قال: ( الرجال قوامون على النساء) أبي تفسير هذه الآيه وجزاك الله ألف خير. الجواب: قال الله عز وجل: ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) [ سورة النساء: 34]. و " قَوَّامُونَ " جمع قَوَّام، ومعنى قَوَّام: قائم بالأمور وتدبيرها، فمعنى: ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ): الرجال هم أهل المسئولية والقوامة والتدبير للنساء. الرجال قوامون على النساء معنى. وهذه المسألة الشرعية تتفق مع العقل والمنطق، ومع الفطرة والواقع، فالأسرة وحدة ومؤسسة مجتمعية لابد لها من قائد ومدير يديرها ويكون مسئولا عنها، والرجل أعطاه الله عز وجل ميزة الرزانة والتعقل وضعف العاطفة في مقابل المرأة التي فطرها الله عز وجل على العاطفة الجياشة لتكون مسئولة عن تربية الأولاد.
وفَهِمَ العلماءُ من قولِه تعالى:{ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} أنه متى عجَز عن نفقتها لم يكن قوّامًا عليها، وسقطَ ما له من منْعها منَ الخروج. وإذا لم يكن قوَّامًا عليها كان لها فسخُ العقد أي بعدَ رفعِ الأمرِ إلى القاضي الشرعي؛ لأنه إذا خرجَ منْ كونه قوّامًا عليها فقد خرجَ عنِ الغرضِ المقصودِ بالنكاحِ. اهـ وفيه دِلالةٌ واضحةٌ من هذا الوجه على ثُبوتِ فسخ النكاح عند الإعسارِ بالنفقةِ والكِسوةِ؛ وهو مذهبُ مالكٍ والشافعيِّ.
قال مقاتل أن تلك الآية نزلت في سعد بن الربيع، وامرأته حبيبة بنت زيد بن أبي زهير وكانا من الأنصار، فيروى أنها نشزت فلطمها، ثم ذهب أبوها معها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال: أفرشته كريمتي فلطمها، فقال الرسول: لتقتص من زوجها، ثم انصرفت مع أبيه لتقتص منه، فقال الرسول لهم: ارجعوا هذا جبريل أتاني، فنزلت هذه الآية، فقال رسول الله: أردنا أمرًا وأردا الله أمرًا، والذي أراده الله خير. يروى أن رجل لطم امرأته فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب معها أهلها وقالوا: يا رسول الله، إن فلان لطم صاحبتنا، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يردد القصاص القصاص، ولا يقضي قضاء، فنزلت الآية، فقال رسول الله: أردنا أمرًا وأراد الله غيره. أحكام متعلقة بالقوامة: في حال لم يؤد الرجل ما كلفه الله به من الأمور التي تتعلق بالقوامة من كساء ونفقة، فالحق في قوامته يسلب منه، وبذلك من حق المرأة أن تفسخ النكاح بالطرق الشرعية الإسلامية، فالقوامة في الآية الكريمة اشترطت الإنفاق، وهذا ما نص عليه المالكية والشافعية، كما أن تفضيل الرجال على النساء بالقوامة ليست قاعدة شاملة، فهناك الكثير من النساء يتفوقن على أزواجهن بالدين والعلم والرأي والعمل، وما يدل على هذا الآية الكريمة التي خصصت تفضيل بعض الرجال دون تفضيل لجميعهم.