[انظر أسد الغابة (3/ 160) وسير أعلام النبلاء (2/ 5)، والإصابة (5/ 322)]. ثانيا: تخريج الحديثين: أما حديث عبادة الأول، فأخرجه مسلم حديث (28)، وأخرجه البخاري في "كتاب الأنبياء" "باب (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق)" حديث (3435). وأما حديث عبادة الثاني، فأخرجه مسلم حديث (29)، وانفرد به عن البخاري، وأخرجه الترمذي في "كتاب الإيمان" "باب ما جاء فيمن يموت وهو يشهد أن لا إله إلا الله" حديث (2638). ثالثا: شرح ألفاظ الحديثين: (مَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلٰهَ إِلاَّ الله): لفظ البخاري:"من شهد أَن لاَ إِلٰهَ إِلاَّ الله... " الحديث. ﴿ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ ﴾: هذا التعبير جاء في القرآن أيضا حيث قال تعالى: ﴿ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ﴾ [النساء:171]، واخْتُلف في سبب تسمية عيسى عليه السلام (كلمة الله) على أقوال أشهرها قولان: قيل: لأن الملك جاء أمه بكلمة البشارة به بعد أمر الله تعالى به ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا ﴾. وقيل: لأن عيسى تكون بكلمة الله (كن)، بل هو بكلمة الله تعالى ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُون ﴾ [آل عمران: 59].
اشهد الا اله الا الله وأشهد أن محمد رسول الله - YouTube
والقول الثاني هو الأظهر والله أعلم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولكن المعنى من قول الله جل ثناؤه: ﴿ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ ﴾ فالكلمة التي ألقاها إلى مريم حين قال له (كن) فكان عيسى صلى الله عليه وسلم بكن". [انظر درء تعارض العقل و النقل (4/ 9)]. (وَرُوحٌ مِنْهُ): أيضا اخْتُلف في معناها على أقوال أشهرها قولان: قيل: لأنه سبحانه وتعالى خلق فيه الروح من غير واسطة أب. وقيل: لأنه روح مخلوقة من عند الله تعالى كسائر الأرواح. (وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ): أي اعتقد ثبوتهما حقيقة لا شك فيهما، وأن الجنة أعدت للمؤمنين، والنار أعدت للكافرين. رابعا: من فوائد الحديثين: الفائدة الأولى: الحديثان فيهما دلالة على أن من جاء بالشهادتين شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، أدخله الله الجنة وحرمه الله على النار، ويقال في هذا الفضل العظيم ما قيل في الأحاديث السابقة في أن الموحد ينال هذا الفضل العظيم إن مات تائبا من الذنوب، أو كان صاحب ذنوب وكبائر لم يتب عنها ولكن بعد المؤاخذة عليها أو مغفرة الله تعالى له ينال هذا الفضل، وتقدم أن المرجئة اعتمدوا على مثل هذه النصوص دون غيرها فقالوا لا يضر مع الإيمان أي معصية، وتقدم أن هذه النصوص رد على الخوارج الذين يكفرون بالكبيرة ويخلدون في النار.
فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ: أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ، فَإِنَّكَ لا تَسَعُهُمْ. قُلْتُ: أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ، فَرَجَعَ عُمَرُ وَزَيْدٌ إلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ زَيْدٌ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ محمداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَآمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ وَبَايَعَهُ وَشَهِدَ مَعَهُ مَشَاهِدَ كَثِيرَةً».
رابعاً: (وَابْنُ أَمَتِهِ) فيه ردٌّ على النصارى أيضا الذين يقولون بأن أم عيسى مريم زوجة الله تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً. فقوله: (وَأَنَّ عِيسَىٰ عَبْدُ اللّهِ وَابْنُ أَمَتِهِ) رد على النصارى وعقيدتهم الباطلة عقيدة التثليث التي هي أهم عقائدهم، فهم يزعمون أن الله عندهم ثالث ثلاثة آلهة تسمى (الأقانيم): الأول: الإله الأب وله خصائص الألوهية وهو الله تعالى. الثاني: الإله الابن وله خصائص البشرية وهو عيسى. الثالث: الإله الروح القدس، وهي الروح التي حلت في مريم، فأصبحوا ثلاثة الله وعيسى وأمه بما فيها من روح، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً. ولذا كذبهم الله تعالى وبين أن هذا من الغلو في عيسى فقال تعالى: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ ﴾ [النساء: 171] وبين كفرهم فقال: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 73].
نظام الوكلاء والمعتمدين عند الأئمة عليهم السلام ليس الإمام المهدي عليه السلام أول من سن هذا النظام وإنما كان موجوداً في زمان أبيه الإمام العسكري عله السلام ، بل من زمن الإمام الهادي عليه السلام وما قبله وكان ذلك أحد الطرق الرئيسية لإتصالهم عليهم السلام بشيعتهم وقضائهم لحوائجهم ، واتصال الشيعة بهم. وإرسال الأموال ، والحقوق الشرعية إليهم. وحيث اتخذ الإمام المهدي عليه السلام مسلك الاحتجاب الذي عرفناه كان إلى نظام الوكالة أقرب وله الزم ، واتخذه بشكل يشمل أكثر الأمور أو جميعها ، مما يتصل بأمور المجتمع حتى في داخل المدن الشيعية. فكانت عامة اتصالاته وتوقيعاته والأموال التي تصل إليه ، ما عدا القليل.. يتم عن طريق الوكلاء. الغرض من تنصيب الوكلاء: أولاً: إعطاء القيادة العامة في زمن الغيبة إلى العلماء ، الذي يمثلون خط الإمام عليه السلام (11).. عدد سفراء الامام المهدي. ذلك المفهوم الذي أعطاه الإمام الصادق عليه السلام صيغته الشرعية بقوله: ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا ، فليرضوا به حكماً فإني قد جعلته عليكم حاكماً. فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه ، فإنما استخف بحكم الله وعلينا رد ، والراد علينا راد على الله وهو على حد الشرك بالله.
وفي سفارته تولّى الحملة الرئيسية للمنحرفين عن خط الإمامة والذين إدَّعو سفارتهم للإمام الحُجّة (عج) زوراً وبُهتاناً. فقد أبلغ القواعد الشعبية للشيعة بزور إدعائهم وتبليغ أوامر الإمام الحُجّة بشأنهم، وبقى لا يُهادن أولئك المنـحرفين حتى لحق بدار حقّه في عام 326هـ. ودُفن في النوبختيّه التي كانت داراً لعلي بن أحمد النوبختي في بغداد. وقد يفد الزّوار إلى قبره. 4/ السفير الرابع علي بن محمد السمري (أبو الحسن) [4]: وهو شيخ جليل ، وأحد اصحاب الإمام الحسن العسكري (عليه السلام). ثم تولّى السفارة في عهد الإمام الحُجّة بعد رحيل الشيخ حسين بن روح إلى جوار ربِّه ، وقد أبلغ الشيخ ابن روح وصيَّة الحُجّة (عج) بشأنه بأنه السفير الرابع من بعده. وهو آخر السفراء الأربعة إذ بموته بدأت الغيبة الكبرى للإمام الحُجّة ولا يخرج حتى يأذن الله له. وقد تولى السفارة في عام 326هـ واتجهت إليه أنظار الشيعة فيما يبلغهم أوامر الإمام المنتظر (عج). وقد استمرّت سفارته ثلاث سنوات من عام 326هـ إلى عام 329هـ التي تُوفي فيها في النصف من شعبان. كما أن فتره سفارته القصيرة لم تتُح له القيام بفعّاليات واسعة كما قام أسلافه، إلاّ أن الإعتقاد بجلالة قدره أكسبتهُ ثقة الجميع.