ياعالم الغيب ذنبي أنت تعرفه - YouTube
إنني أعتقد أن مفتاح شخصية غازي القصيبي رحمه الله تكمن في قول المتنبي: ودع كل صوت غير صوتي فإنني أنا الطائر المحكي والآخر الصدى هذا المبدع كان صوتا فريدا لايتكرر بل يتميز ويتفوق، فهو الشاعر الذي تستبيه الأمكنة وتختطفه الأزمنة وتغويه المشاعر، رسم البحرين صورة زاهية على صفحات وجده المشبوب، وحين توفي شقيقه نبيل أصدر ديوانا كاملا حمل اسم الراحل عنوانا له، كانت تلك تنم عن توهج وجداني إنساني يكمن في أعماق نفس وفية. وحين انصرف إلى كتابة الرواية كانت رواياته ذات خصوصية مائزة، فاختط طريقا طليعيا ساخرا عبر نبرة تضج بالألم مما يندرج تحت ماعرف ب»السخرية السوداء» التي اشتهر بها يوسف إدريس في مجموعته القصصية «النداهة». وعندما تصدى لكتابة المقالة إبان حرب الخليج الثانية كانت كتاباته نمطا جديدا تضج بروح القصيبي بعرامتها وصراحتها القاسية وهجائيتها الجارحة، كان مثقفا شموليا على النحو الذي تصوّره (جرامشي) فجمع بين المبدع والسياسي والمفكر الاجتماعي والناقد الساخر والإداري الجاد والكاتب الفحل والإعلامي الرصين والصحفي الشفاف الذي يلتقط الحقيقة من منابعها ويقدمها ساخنة طازجة معجونة بملح اللحظة في رعونتها. ياعالم الغيب ذنبي انت تعرفه - YouTube. كان -رحمه الله- يمزج ذلك كله في خلاّطته الخاصة ليشكل منه أسلوب القصيبى الفريد ورؤيته الخاصة، ولكن ذلك لايعني أن الرجل كان مصيبا في كل الأحوال، بل كان مجتهدا، وربما خرج إلى ماهو أبعد من الاجتهاد، ولكنه يظل غازي القصيبي المنشئ الذي تود إذا سمعته متحدثا ألا يصمت وإذا قرأته كاتبا ألا ينتهي، وإذا أطل محاورا عبر قنوات الفضاء ألا يغيب.