من هو غسان نجيب فرعون
فقد حاور غسّان الصهيونيّ وأُعْجِبَ به، بل أُعْجِبَ بإنسان ملتزم آمن بقضيّة ودافع عنها بالسلاح ومات في سبيلها، وبسبب ذلك الإعجاب بدا الصهيونيّ المقاتل أستاذًا مضمرًا للفلسطينيّ، الّذي عليه أن يحاكي عدوّه قتالًا والتزامًا وتصميمًا، لا أن يكتفي بالوعود السائبة والذكريات. لم يأخذ غسّان على عدوّه المنتصر إلّا اختياره الموقع الّذي حقّق انتصاره فيه، أي فلسطين، كما لو كان اختيار الصهيونيّ لأرض أخرى يحرّره من الآثام الّتي ينكرها الفلسطينيّ. من هو غسان نجيب فرعون مكه. لكنّ غسّان، القلق في الكتابة والحياة، سرعان ما تحرّر من ارتباكه ذاهبًا إلى «أمّ سعد» (1969)، ومحاورًا ذلك 'العاشق القديم' الّذي يصوغ أسئلته من تراب فلسطين، ويعثر على إجابات فلسطينيّة صائبة. الحجر محطّمًا مرآة التقليد من الطريف في حدود المحاكاة والتقليد وفتنة المنتصر، أن يكتب صادق العظم دراسة باللغة الإنجليزيّة عن «الصهيونيّة الفلسطينيّة»، يقارن فيها بين نزوع القيادات الفلسطينيّة وأشياء من تاريخ الحركة الصهيونيّة. وفي الواقع، فإنّ الأمر لا غرابة فيه، منذ أن تحدّث علم الاجتماع عن 'قانون التقليد'، حيث القويّ يجبر الضعيف على محاكاته، ومنذ أن قال ابن خلدون بـ 'المطاولة'، حيث الضعيف يتطلّع إلى من جاوزه قامة.
جاء الغازي تسبقه فتنته، الّتي تحدّده معلمًا غريبًا، لا يحتاج إلى تلميذه العربيّ المرعوب ولا يلتفت إليه، إلّا من أجل التقاط العقارب والأفاعي، كما صرّح وايزمان مرّة، فإن بالغ التلميذ في فضوله أسكتته طلقة إلى الأبد. ولم يكن غريبًا أن ينظر المثقّف الفلسطينيّ الكبير روحي الخالدي، في بداية العقد الثاني من القرن العشرين، إلى المزارع الصهيونيّة بافتتان لا نقص فيه، وكتابه الصغير «السيونيزم»، آية على الانبهار بالتنظيم الصهيونيّ الّذي يعطي مزرعة نموذجيّة، لها طبيبها وإدارتها ومسؤولها الاقتصاديّ، ولها عقل مشغول بالزمن والأرقام، لم يكن غريبًا ولأسباب سهلة وميسورة، أن يقارب صاحب «فيكتور هوغو والعرب»، بين صفحة صهيونيّة مزهرة وصفحة عربيّة موازية حافلى بالتداعي. وهذه المقارنة، الّتي يشوبها الاضطراب، أوقعت الخالدي في خطأين: حيث رأى في المشروع الصهيونيّ الاستيطانيّ امتدادًا للحركات القوميّة الأوروبيّة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر من ناحية، وفصل بين هذا المشروع والاستعمار الأوروبيّ من ناحية ثانية. من هو غسان نجيب فرعون خميس مشيط. وبسبب هذا الخطأ المزدوج رأى نجاح المشروع في النظام المتمدّن الّذي يعتمد عليه، واعتقد أنّ مواجهته تحتاج إلى الأخذ بوسائل العمران والمدنيّة.
من تغطيات مروة غنيم لمجموعة مستشفيات غسان نجيب فرعون في برنامج صحتك مع مروة - YouTube
واطمأنّ إليها أيضًا حين اعتقد أنّ الركون إلى مبادئ الأخلاق وتعاليم الثقافة يفصل بين متقاتلين ويعطي كلّ منهما حقّه دون نقصان كبير. ولهذا اعتقد خليل السكاكيني، الّذي لا يَشُكُّ في وطنيّته العظيمة أحد، أنّ 'المكر اليهوديّ' عَبِثَ بالأمّة الأوروبيّة، وأنّ من المخزي أن لا تكتشف هذه الأمّة العبث اليهوديّ بها. يقع الأمر كلّه إذن في مدار المكر والخديعة، إذ اليهوديّ يمكر بالأوروبيّ وإذ سذاجة الأخير تبتلع المكر وترضى به. من تغطيات مروة غنيم لمجموعة مستشفيات غسان نجيب فرعون في برنامج صحتك مع مروة - YouTube. بيد أنّ الأمر كلّه يقع في مكان آخر يمكن أن يدعى بـ 'فتنة المنتصر'، وذلك بمعنى مزدوج: انتصر الأوروبيّ على غيره وأقنعه بأنّه لا يقبل بسوء أو برذيلة إلّا عن جهل وجهالة، وانتصر الصهيونيّ على العربيّ وأقنعه بأنّه ينجز ما يريد دون أن يحتاج إلى سند غريب أو ظهير أوروبيّ. في حدود فتنة المنتصر الّتي تصيب المتعلّم وتخطئ الفلّاح بحدسه السليم، كان على إسحاق موسى الحسيني أن يكتب عن التسامح والحوار والغفران، معتقدًا أنّ المحبّة وإعلاء مبادئ التآخي الإنسانيّ درب ذهبيّ إلى بناء أفضل الأكوان... لكنّه لم يكتب ما كتبه إلّا اعتقادًا منه بأنّ في اليهود ما يشبه أمّة شكسبير، وأنّ أمّة شكسبير تحتفي بالحقّ من أين جاء، إلى أن قذف به 'أنصار شكسبير' إلى مناف متعدّدة، يعدّد فيها مآثر القدس وأسماء المدينة المقدّسة باللغات المتعدّدة.