masonicoutreachservices.biz

masonicoutreachservices.biz

صم بكم عمي فهم لا يرجعون

Monday, 29-Jul-24 14:12:51 UTC

وإذ كان ذلك معنى الكلام: فمعلوم أن قوله: " صم بكم عمي " يأتيه الرفع من وجهين ، والنصب من وجهين: فأما أحد وجهي الرفع: فعلى الاستئناف ، لما فيه من الذم. وقد تفعل العرب ذلك في المدح والذم ، فتنصب وترفع ، وإن كان خبرا عن معرفة ، كما قال الشاعر: لا يبعدن قومي الذين هم سم العداة وآفة الجزر النازلين بكل معترك والطيبين معاقد الأزر فيروى: " النازلون " و " النازلين " وكذلك " الطيبون " و " الطيبين " على ما وصفت من المدح. [ ص: 330] والوجه الآخر: على نية التكرير من " أولئك " فيكون المعني حينئذ: أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين ، أولئك صم بكم عمي فهم لا يرجعون. وأما أحد وجهي النصب: فأن يكون قطعا مما في " مهتدين " من ذكر " أولئك " لأن الذي فيه من ذكرهم معرفة ، والصم نكرة. والآخر: أن يكون قطعا من " الذين " لأن " الذين " معرفة و " الصم " نكرة. فصل: إعراب الآية رقم (18):|نداء الإيمان. وقد يجوز النصب فيه أيضا على وجه الذم ، فيكون ذلك وجها من النصب ثالثا. فأما على تأويل ما روينا عن ابن عباس من غير وجه رواية علي بن أبي طلحة عنه ، فإنه لا يجوز فيه الرفع إلا من وجه واحد ، وهو الاستئناف. وأما النصب فقد يجوز فيه من وجهين: أحدهما: الذم ، والآخر: القطع من " الهاء والميم " اللتين في " تركهم " أو من ذكرهم في " لا يبصرون " وقد بينا القول الذي هو أولى بالصواب في تأويل ذلك.

  1. البقرة الآية ١٨Al-Baqarah:18 | 2:18 - Quran O
  2. فصل: إعراب الآية رقم (18):|نداء الإيمان

البقرة الآية ١٨Al-Baqarah:18 | 2:18 - Quran O

إن يأخذ الله من عيني نورهما ففي فؤادي وقلبي منهن نور عقلي ذكي وقلب غير ذي دغل وفي فمي صارم كالسيف مشهور إذا رزق الله المروءة والتقى فإن عمى العينين ليس يضير فالعمى عمى القلب، وليس عمى البصر، ولهذا عقب الله ذلك بهذه الآية: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ [سورة البقرة: 18].

فصل: إعراب الآية رقم (18):|نداء الإيمان

فهذه الهداية منحة ربانية، ولها أسباب تكون من العبد، فمن أقبل على أسباب الهداية بصدق ورغبة، وعامل الله -تبارك وتعالى- مُعاملة صادقة لا التواء فيها، ولا اعوجاج؛ فإن مثل هذا يُرجى له أن يُسدد ويوفق ويُهدى، وأما من حاد عن الطريق، واختار مسالك الانحراف والضلال؛ فإن هذا يكون عاقبته سلب النور، والبقاء في حالة من الضلالة يتردد فيها حيث ما توجه. ثم إن هذا أيضًا فيه إشارة إلى سر انقطاع تلك المعية الخاصة التي تكون لأهل الإيمان، المعية بالحفظ والكلاءة والرعاية، والتسديد، والنصر والتأييد، وما إلى ذلك، فالله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، الله مع الصابرين. فذهاب هذا النور مؤذن بانقطاع معيته؛ لأن الله لا يكون مع هؤلاء من أهل الضلال والظلام، بل هم أعداؤه، والله -تبارك وتعالى- يُنزل بهم بأسه ورجزه وعذابه، فقطع ذلك عن المنافقين، فليس لهم نصيب من قوله -تبارك وتعالى: لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [سورة التوبة:40] ولا من قوله: كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ [سورة الشعراء:62].

كما يُعطى المنافقون يوم القيامة بصيصًا من النور الظاهر يذهب وينطفئ على جسر جهنم أحوجَ ما كانوا إليه، فيَضِلُّون في أحْلَكِ الظلمات، ويكردسون في النار، قال تعالى: ﴿ يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ﴾ [الحديد: 13]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يعطي كلَّ مؤمن ومنافق نورًا، ثم يتبعونه، وعلى جسر جهنم كلاليبُ وحسك تأخذ من شاء الله تعالى، ثم يُطفَأ نور المنافقين، ثم ينجو المؤمنون)) [2].