[١٢] إعراب آية: وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورًا هل لمفردات هذه الآية إعراب في اللغة العربية؟ إنَّ علوم القرآن تزخر بكنوز عظيمة فيما يخصُّ المعاني والمقاصد الشرعية، ولا يمكن الوصول إليها من خلال زيادة معرفة ما يحيط بآيات الله من معاني مفردات وإعراب وما إلى هنالك، وسيتمُّ إدراج إعراب آية: وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورًا، فيما يأتي إعرابَ مفرداتٍ وجمَل: [١٣] وقال: الواو: للاستئناف، قال: فعل ماض مبني على الضمة الظاهرة، وجملة "قال الرسول" استئنافية لا محل لها من الإعراب. الرسول: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة. يا: أداة نداء، وجملة "يا رب إنَّ قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورًا" جملة مقول القول في محل نصب. ربِّ: منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدَّرة على ما قبل الياء المحذوفة، والياء: ضمير متصل في محل جر بالإضافة. اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. إنَّ: حرف مشبه بالفعل ينصب الاسم ويرفع الخبر، وجملة "إنَّ قومي اتخذوا" جواب النداء لا محل لها من الإعراب. قومي: اسم إنَّ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء، والياء: ضمير متصل في محر جر بالإضافة. اتخذوا: فعل ماض مبني على الضمة، والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل، وجملة "اتخذوا" جملة فعلية في محل رفع خبر إنَّ.
[٨] معاني المفرادات في آية: وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورًا بعد الإشارة إلى معنى آية: وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورًا، بشيء من التفصيل يجب التطرُّق إلى معاني مفردات الآية لمعرفة معنى الآية بشكل دقيق، فكلما زادت الإحاطة بمعرفة معاني الكلمات والمفردات ازدادت معرفة المرء بمعاني الآية ومقاصدها، وفيما يأتي معاني المفردات كل على حدة: الرسول: مِن أرسَل يُرسل، ورسول وجمعه رسُل، والرسول هو الذي يبِّلغ الرسالة عن الله تعالى. [٩] قومي: القَوْم هم الجماعة من البشر الذين تجمع فيما بينهم روابط يقومون بها، وقَوم الرجل: أهله وأقرباؤه وعشيرته الذين يجمع بينهم جدٌّ واحد أو يجتمعون في سلالة واحدة. [١٠] اتخذوا: اتَّخذَ يتَّخذ اتخاذًا، والفاعل متَّخذ والمفعول متَّخَذ، ومعنى اتخذَ صديقًا: صيَّره وجعله صديقًا، واتخذَ موقفًا معينًا: اعتمده واعتنقه وقال به، واتخذَ أمرًا بمعنى اصطنعه، ومن هنا جاء معنى اتخذوا بمعنى جعلوا وصيروا القرآن مهجورًا. (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً). [١١] مهجورًا: من هجرَ يهجرُ هجْرًا وهجرانًا، والفاعل هاجر والمفعول مهجور، وهجرَ الشيءَ تركهُ وأعرضَ عنه، وهجرَ الرجلُ زوجته: لم يخالطها وابتعدَ عنها دون طلاق، وهجرَ في الشيء أو به: إذا كان مولعًا بذكره، ومنها قوله مهجورًا أي متروكًا.
{وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} ا [لفرقان 30 - 31] شكوى من رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى ربه من صنيع أقوام قابلوا كتاب الله بالهجر, و يالحسرات هؤلاء يوم لقاء الله. سواء كان الهجر هجر قراءة أو هجر عمل و تطبيق أو هجر تحكيم لشرائعه و أحكامه أو هجر تدبر. قال ابن قيم الجوزية - رحمه الله -: هجر القرآن أنواع: أحدهما: هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه. والثاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه, وإن قرأه وآمن به. والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه واعتقاد أنه لا يفيد اليقين,, وأن أدلته لفظية لا تحصّل العلم. والرابع: هجر تدبّره وتفهّمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه. والخامس: هجر الاستشفاء والتداوي في جميع أمراض القلوب وأدوائها, فيطلب شفاء دائه من غيره, ويهجر التداوي به. وكل هذا داخل في قوله: { وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً} [الفرقان 30]. وإن كان بعض الهجر أهون من بعض.
يقول الحق تبارك وتعالى {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان:30] يقول العلامة ابن عاشور "فحكيت شكاية الرسول إلى ربّه قومَه من نبذهم القرآن بتسويل زعمائهم وسادتهم الذين أضلوهم عن القرآن، أي عن التأمل فيه بعد أن جاءهم وتمكنوا من النظر. وهذا واقع في الدنيا والرسول هو محمد صلى الله عليه وسلم". ومن لطف الله ورحمة الرسول صلى الله عليه وسلم ما أشار إليه الفخر الرازي أن الرسول صلى الله عليه وسلم اكتفى بفعل الشكاية و "ما دعا عليهم بل انتظر فلما قال تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} [الفرقان:31] كان ذلك كالأمر له بالصبر على ذلك وترك الدعاء عليهم فظهر الفرق" مع ما حدث من النبي نوح عليه السلام. فلو جمع الحبيب المصطفى الشكاية مع الدعاء لهلك القوم وهلك كل من يعمل عملهم، فقد وصف الله تعالى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلّم بالرحمة في قوله {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107] فكان رحمة مهداة. والشكاية من هجران القرآن قائمة في كل مراحل التاريخ بتفاوت، ولعل ما نشهده في أيامنا من هجران مقصود، وتطاول البعض بجهل على كتاب الله، حتى بلغ ببعضهم الدعوة المفضوحة إلى التحرّر منه ظن جاهل أنه عامل تخلّف.
كنت أقرأ القرآن ووصلت لهذه الآية ( يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً)فتسائلت عن معنى الهجر هنا وهل سيحاجنا النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم في هجرنا للقرآن في هذا الزمن فكتبت هذا الموضوع وكلي حياءً وخجلاً وخوفاً من رب العالمين لتقصيري وإياكم في حق القرآن الكريم راجيةً إيّاه, مستعيذةً به من أن نهجر كتاب الله العظيم ونسأله أن نكون من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته.
♦ الآية: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الفرقان (30). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ ﴾ في ذلك اليوم: ﴿ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ متروكًا أعرَضوا عنه. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ ﴾ يعني: ويقول الرسول في ذلك اليوم: ﴿ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ يعني متروكًا فأعرَضوا عنه، ولم يؤمِنوا به، ولم يعمَلوا بما فيه. وقيل: جعلوه بمنزلة الهُجْر، وهو الهذيان، والقول السيئ، فزعَموا أنه شِعر وسِحر، وهو قول النخعي ومجاهد. وقيل: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ ﴾ يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم يشكو قومَه إلى الله: ﴿ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾. تفسير القرآن الكريم