سبب نزول الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم سبب نزول هذه الآية " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم " أن بعض الناس جاءوا إلى المسلمين وإلى النبي لكي يخبروه بأن المشركين وعلى رأسهم أبا سفيان ومن معه قد إتفقوا على مهاجمتهم وعدة العودة إلا وقد قضوا على المسلمين، وحذروهم من أنهم لا طاقة لهم بلقاء أبو سفيان ومن معه فنزلت الآية تدعوهم للإستعانة بالله وقول حسبنا الله ونعم الوكيل أي أن الله سوف يكيفينا هؤلاء المشركين وهو من يُدبر الأمر لعباده ويدافع عنهم.
فلما اذن مؤذن رسول الله [ ص] بالخروج فطلب العدو, قلت لاخي – او قال لى – اتفوتنا غزوة مع رسول الله [ ص] – و الله ما لنا من دابة نركبها, وما منا الا جريح ثقيل. فخرجنا مع رسول الله [ ص] و كنت ايسر جراحا منه, فكان اذا غلب حملتة عقبة.. حتي انتهيا الى ما انتهي الية المسلمون. وقال محمد بن اسحاق:كان يوم احد يوم السبت النصف من شوال, فلما كان الغد من يوم الاحد لست عشرة ليلة مضت من شوال, اذن مؤذن رسول الله [ ص] فالناس بطلب العدو, واذن مؤذنة ان لا يظهرن معنا احد الا من حضر يومنا بالامس. فكلمة جابر بن عبدالله بن عمرو بن حرام. فقال:يا رسول الله ان ابي كان خلفنى على اخوات لى سبع. وقال:يا بنى انه لا ينبغى لى و لا لك ان نترك هؤلاء النسوة و لا رجل فيهن. ولست بالذى اوثرك بالجهاد مع رسول الله [ ص] على نفسي. فتخلف على اخوتك. فتخلفت عليهن.. فاذن له رسول الله [ ص] فخرج معه.. وهكذا تتضافر كهذه الصور الرفيعة على اعلان ميلاد تلك الحقيقة ال كبار, فى تلك النفوس ال كبار. النفوس التي لا تعرف الا الله و كيلا, وترضي فيه و حدة و تكتفى, وتزداد ايمانا فيه فساعة الشدة, وتقول فمواجهة تخويف الناس لهم بالناس: (حسبنا الله, ونعم الوكيل).. ثم تكون العاقبة كما هو المنتظر من و عد الله للمتوكلين عليه, المكتفى فيه, المتجردين له: (فانقلبوا بنعمة من الله و فضل لم يمسسهم سوء و اتبعوا رضوان الله).
وإن وعد الله تعالى إثر هذا القول الدال على قوة اليقين بنصره هو انقلاب الفئة المؤمنة بنعمة وفضل منه ، وإن ذلك ليظهر مع مطلع كل يوم من أيام هذا النزال حيث يتم النيل من عدوها بالرغم من عدم تكافؤ ميزان القوة بينها وبينه ، وقد أصابه منها ما لم يكن يحتسب. ومع أن نعمة الله عز وجل وفضله على المجاهدين في بيت المقدس وأكنافه لا ينكرها إلا جاحد أو مكابر ، فإن التخويف الشيطاني لازال جاريا على قدم وساق ، ومروجوه لا يدخرون جهدا في ذلك عسى أن ينالوا من عزيمتهم لترجح كفة عدوهم على كفتهم، وهو ما يأباه الله تعالى القائل في محكم التنزيل: (( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا)) ما دام المؤمنون على إيمانهم. والمطلوب من كل مؤمن صادق الإيمان في كل مكان من المعمور أن يجاري المرابطين الصابرين فوق أرض الإسراء والمعراج في إيمانهم المترجم إلى فعل وإجراء ، وفي يقينهم بالاحتساب والتوكيل الله عز وجل دون أدنى شك أو تردد في وعده الناجز الذي وعد به الصابرين من عباده المؤمنين. وأقل ما يقدمه كل مؤمن لهؤلاء المجاهدين والمرابطين في سبيل الله ألا يعتقد أو يقول فيهم قول عدوهم أو قول من يوالونه واصفين إياهم بالإجرام أو الإرهاب أو ما شابه ذلك مما يبخس جهادهم ورباطهم في سبيل الله ، ويستخف بأرواحهم ودمائهم وتضحياتهم.