وسبحانه إذ فصل بين المادة ونقائضها حتي يوجد هذا الكون الشاسع الاتساع, الدقيق البناء, المحكم الحركة, المنضبط في كل أمر من أموره, والمبني علي وتيرة واحدة تشهد للخالق سبحانه وتعالي بالوحدانية. وسبحانه إذ أبقي المادة النقيضة في مكان ما عنده حتي إذا شاءت إرادته إفناء الكون جمع المادة ونقائضها بأمره كن فيكون, وإذا شاء بعث كل شيء بفصلهما بالأمر كن فيكون. وسبحانه إذ قرر هذه الحقيقة الكونية فقال عز من قائل: ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرونالذاريات:49. يتبع
فلما كان تجديد التفكر المغفول عنه ، شبيها بتذكر الشيء المنسي: أطلق عليه: ( لعلكم تذكرون) ، وهذا في معنى قوله تعالى: ( وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون * ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون) [الواقعة: 60- 62] ؛ فقد ذيل هنالك بالحث على التذكر، كما ذيل هنا برجاء التذكر، فأفاد: أن خلق الذكر والأنثى من نطفة ، هو النشأة الأولى ، وأنها الدالة على النشأة الآخرة. وجملة: ( لعلكم تذكرون): تعليل لجملة: ( خلقنا زوجين) ؛ أي: رجاء أن يكون في الزوجين تذكر لكم، أي: دلالة مغفول عنها. " انتهى، من "التحرير والتنوير" (27/18). هذا؛ مع أن الراجح الأول، كما سننقل نصوص أهل العلم عليه. يقول الطبري: " القول في تأويل قوله تعالى: (ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون) [الذاريات: 49] يقول تعالى ذكره: وخلقنا من كل شيء خلقنا زوجين، وترك خلقنا الأولى استغناء بدلالة الكلام عليها. واختلف في معنى (خلقنا زوجين) [الذاريات: 49] فقال بعضهم: عنى به: ومن كل شيء خلقنا نوعين مختلفين كالشقاء والسعادة والهدى والضلالة، ونحو ذلك... قال مجاهد، في قوله: (ومن كل شيء خلقنا زوجين) [الذاريات: 49] قال: الكفر والإيمان، والشقاوة والسعادة، والهدى والضلالة، والليل والنهار، والسماء والأرض، والإنس والجن.... وقال آخرون: عنى بالزوجين: الذكر والأنثى... وأولى القولين في ذلك قول مجاهد، وهو أن الله تبارك وتعالى، خلق ، لكل ما خلق من خلقه: ثانيا له ، مخالفا في معناه، فكل واحد منهما زوج للآخر، ولذلك قيل: خلقنا زوجين.
ويمكن استخدام نسبة الشكلين اليميني واليساري للحمض الأميني الواحد في بقايا أي من النبات أو الحيوان أو الإنسان في تحديد لحظة وفاته بدقة بالغة. ومعروف من الاحماض الأمينية البانية للبروتينات عشرين نوعا كل منها ممثل بزوجية واضحة, وباتحاد هذه الأحماض الأمينية العشرين يمكن بناء أكثر من مليون نوع من أنواع البروتينات, والخلية الحية في جسم الإنسان قد أعطاها الله تعالي القدرة علي إنتاج مائتي ألف نوع من أنواع البروتينات, وبالمثل فإن كل جزئ من جزيئات البروتينات العديدة يمكن أن يكون له شكل يميني وآخر يساري, وهي في أجساد جميع الكائنات الحية من الشكل اليساري. وكذلك النويدات علي الصبغيات وهي أصغر وحدات الحمض النووي الريبي والريبي المراسل DNA, RNA منها اليميني واليساري, وكلها في أجساد الكائنات الحية من الشكل اليميني. وفوق ذلك فإن كل واحد من البروتينات له ضده Proteins And Antiproteins, وكل جسم من الأجسام المكونة من البروتينات له ضده Bodies And Antibodies بالإضافة إلي أن من البروتينات بروتينات بانية وأخري هادمة Constructive Proteins and Destructiveones حادي عشر إلي السابع عشر: الزوجية في المادة وفي مركباتها: تتضح الزوجية في مركبات المادة في شقيها الموجب Cation والسالب Anion كما تتضح في تركيب الذرة بنواتها التي تحمل شحنة موجبة واليكتروناتها التي تدور حول النواة حاملة شحنة سالبة مكافئة.