تغمر أعينهم وقلوبهم وهم يمسكون بعضهم يدًا بيد ويذهبون مع بعضهم حيث ألعاب العيد، والأهل يراقبونهم من بعيد وكلهم فرح بهؤلاء الأطفال الأبرياء الذين تسعد قلوبهم بأبسط هدية ويدعون لهم بالحفظ والسلامة. ولأن العيد احتفال وفرح تجد لأطفال في ساحة العيد يجتمعون مع بعضهم، بعضًا يتشاركون كل الألعاب، ولا يفضّل أحدهم أن يلعب وحده، وقد يكون في بعض الأحيان أطفال فقراء لا يمكنهم اللعب بكل الألعاب فيتكافل الأطفال الآخرون ويقدمون لهم ما يمكنهم من المشاركة في كل الألعاب، وهذا يعزز التعاون بين الأطفال، ممّا يجعلهم يشعرون بالسعادة الحقيقة في العيد، لأنهم قدموا شيئًا جميلًا لصديقهم وساعدوه في المشاركة بفرحة العيد. إن العيد يعني التقرب إلى الأهل وكسب رضاهم، وذلك بوسائل مختلفة مثل: معايدتهم بالزيارة، أو الذهاب في نزهة عائلية تقرب القلوب وتجعل الود محفوظًا بين الأهل وتمحو المشاكل والبغضاء فيما بينهم، وقد تكون من خلال دعوتهم إلى الطعام، ففي هذا الأمر خير كثير يعمّ أفراد العائلة جميعًا، إضافة إلى أنه ينشر الفرح، فرح العيد، باجتماع العائلة على مائدة طعام واحدة، والضحكة لا تفارق وجه أحد منهم، هذه هي أجواء العيد البسيطة بتفاصيلها الصغيرة هي التي تجعل الحياة أجمل وأنقى وأرقى.
وليست فرحة العيد للأطفال وحدهم، بل إن الأمهات أيضًا يفرحن بقدوم العيد، لأنه يعني: انتشار البسمة على وجوه أفراد العائلة، وما إن تسمع الأمهات مدفع العيد حتى يبدأن بتحضير كعك العيد وخبزه، لتقديمه للأولاد والضيوف، وصوت تكبيرات العيد يعمّ المنزل، بينما ينشغل بعض أفراد الأسرة بوضع زينة العيد والفرح بها، كي ينشروا هذه الفرحة في كل مكان. وما إن يهلّ ضوء الصباح في أول أيام العيد حتى ينهض الجميع باكرًا، يحضّرون أنفسهم لصلاة العيد، يرتدون أجمل الملابس، ويذهبون بقلوب سعيدة لأداء صلاة العيد والالتقاء بالأصدقاء والمعارف ومعايدتهم بألطف الكلمات، ومنهم من يتجه بعد صلاة العيد ليقوم بنحر أضحية العيد وتوزيعها على الأهل والجيران، فتزداد الألفة وتعم الفرحة وتنتشر لتصل إلى قلب كل جائع وكل طفل وكل كبير وكل امرأة، فما أعظم هذه الفرحة، وما أكرم خالق الأكوان عندما أنعم على المسلمين بهذه الأعياد التي تحمل في كل شعائرها الخير والمودة والأخلاق الإنسانية النبيلة مثل: التعاون والتكافل الاجتماعي بين الناس. في حين ينهمك رب الأسرة بأضحية العيد، ومن ثم استقبال المهنئين، والذهاب بعدها لزيارة الأقارب، يكون الأولاد قد عقدوا الاتفاقيات والمخططات لقضاء أيام العيد في مدينة الألعاب، ويقومون بتقسيم العيدية بطريقة تضمن لهم الاستفادة من كل ألعاب العيد، يا لها من فرحة بريئة!
عيد الفطر ويمثل عيد الفطر فرحة أخرى للمسلمين، فكما يقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: " لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُ بِهِمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ"، فبعد أن يصوم المسلم لربه شهر رمضان يأتي هلال شهر شوال يحمل معه البهجة والفرحة بالعيد، حيث يبدأ الناس يومهم بصلاة العيد وخطبة العيد، ثم يتبادلون الزيارات، والتهاني بالعيد. مظاهر فرحة العيد تختلف مظاهر فرحة العيد من بلد لآخر، ولكن غالبا تشترك معظم الدول العربية والاسلامية في أشياء أساسية مثل لبس العيد، حيث يشتري الناس لبسا جديدا للعيد، وتذهب الأسر لصلاة العيد رجالا ونساءا وأطفالا، وترتبط فرحة العيد في بعض الدول بتجمع أسري كبير للعائلة في مكان واحد، حيث يأتون من كل مكان ليتجمعوا في منزل أحد الأجداد غالبا، وتقام الولائم وتذبح الذبائح احتفالا بهذا الاجتماع الكبير. وفي الآونة الاخيرة ظهرت مظاهر أخرى للاحتفال بالعيد مثل خروج الأسر في أماكن الترفيه مثل مدن الملاهي والحدائق العامة والذهاب إلى الشواطئ، و السفر أحيانا، حيث أصبح العيد فرصة للأسرة لتستمتع فيها بقضاء وقت جيد بعيد عن الانشغال بالعمل والدراسة وهموم الحياة اليومية، وتعتبر مواسم الاعياد من أشهر الأوقات التي تقام فيها حفلات الزفاف فتكون الفرحة مضاعفة في الأسرتين.
مظاهر التضامن في العيد والعيد في الاسلام ليس فقط فرحة وبهجة واحتفال، بل هو تضامن كبير بين جميع أفراد المجتمع الاسلامي الكبير، حيث لا تقتصر الفرحة على الأغنياء، بل يجب الاهتمام بالفقراء ومساعدتهم على الشعر بفرحة العيد، وقد فرض الاسلام على المسلمين زكاة الفطر ، والتي يقوم فيها كل مسلم باخراج نصاب معين من المال عن نفسه وعن افراد اسرته من نساء واطفال، وتكون على هيئة حبوب وغلال أو على هيئة اموال يتم التبرع بها للفقراء ليدخل السرور على قلوبهم. كما أنه في عيد الأضحى يجب أن تقسم الاضحية التي تم ذبحها إلى ثلاثة أثلاث، ثلثها لأهل البيت والثلث للأقارب، والثلث للفقراء والمحتاجين، فلا يفرح المسلم بأضحيته وحده بل يفرح بها الكثير من الناس معه، وقد ظهرت مظاهر أخرى للتضامن الاجتماعي حيث يتم شراء ملابس جديدة في العيد وتوزع على الأسر المحتاجة من أموال الصدقات، فيلبس كل الاطفال لبس جديد في العيد ويتشاركون جميعا فرحة واحدة، كما يقوم كثير من الناس بتوزيع الحلوى على الاطفال بعد صلاة العيد وفي الشوارع احتفالا بالعيد.