وقال ابن عباس: إذا هم أن يتناول من ثمارها تدلت إليه حتى يتناول منها ما يريد ، وتذليل القطوف تسهيل التناول. والقطوف: الثمار ، الواحد قطف بكسر القاف ، سمي به لأنه يقطف ، كما سمي الجنى لأنه يجنى. تذليلا تأكيد لما وصف به من الذل; كقوله: ونزلناه تنزيلا وكلم الله موسى تكليما. الماوردي: ويحتمل أن يكون تذليل قطوفها أن تبرز لهم من أكمامها ، وتخلص لهم من نواها. قلت: وفي هذا بعد; فقد روى ابن المبارك ، قال: أخبرنا سفيان عن حماد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: نخل الجنة: جذوعها زمرد أخضر ، وكربها ذهب أحمر ، وسعفها كسوة لأهل الجنة ، منها مقطعاتهم وحللهم ، وثمرها أمثال القلال والدلاء ، أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، وألين من الزبد ليس فيه عجم. قال أبو جعفر النحاس: ويقال المذلل الذي قد ذلله الماء أي أرواه. ويقال المذلل الذي يفيئه أدنى ريح لنعمته ، ويقال المذلل المسوى; لأن أهل الحجاز يقولون: ذلل نخلك أي سوه ، ويقال المذلل القريب المتناول ، من قولهم: حائط ذليل أي قصير. قال أبو جعفر: وهذه الأقوال التي حكيناها ذكرها أهل العلم باللغة وقالوها في قول امرئ القيس: [ وكشح لطيف كالحديل مخصر] وساق كأنبوب السقي المذلل
وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12) { وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا} على طاعة الله، فعملوا ما أمكنهم منها، وعن معاصي الله، فتركوها، وعلى أقدار الله المؤلمة، فلم يتسخطوها، { جَنَّةً} جامعة لكل نعيم، سالمة من كل مكدر ومنغص، { وَحَرِيرًا} كما قال [تعالى:] { وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} ولعل الله إنما خص الحرير، لأنه لباسهم الظاهر، الدال على حال صاحبه.