وفي اعتقادنا أنها خرافة ظريفة تدل على أن زعيم القوم كان شيطانًا. ٩ ما زالت دار الندوة قائمة بعد الإسلام بأعوام كثيرة حتى اشتراها أحد أمراء مكة.
فحالفت بَنو عبد الدَّار من ذكرنَا من الْقَبَائِل، وحالفت بَنو عبد منَاف. بني أَسد، وزهرة - وهما الْحَارِث بن فهر - على نصْرَة عبد منَاف على عبد الدَّار، قَالُوا: فَهَذَا حلف جرى بَين الْقَوْم على حَرْب على أَمر من أُمُور الْجَاهِلِيَّة، وَلم يكن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَو كَانَ شهده ليقول: " لَو دعيت إِلَيْهِ الْيَوْم لَأَجَبْت ".
٣ وسبب احترام الرسول هذا الحلف أنه لو قال مظلوم ذلك لأجبت؛ وذلك لأن الإسلام إنما جاء بإقامة الحق ونصرة المظلوم، فلم يزدد به هذا الحلف إلا قوةً، وليس المراد بقوله — عليه السلام — وما كان من حلف في الجاهلية فلن يزيده الإسلام إلا شدةً، أن يقول الحليف يا لفلان! لحلفائه فيجيبوه، ٤ بل الشدة في الحديث ترجع لمعنى التعاطف والتواصل. وتبعًا لهذه السنة المحمدية في احترام حلف الفضول وحسن الظن به هَمَّ الحسين بن علي بن أبي طالب بأن يهتف به في نزاع بينه وبين الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، وكان أمير المدينة من قِبل عمه معاوية، فتحامل الوليد على الحسين في حقه لسلطانه (على عادة بني عبد شمس أعداء آل البيت)، فقال له الحسين: «احلف بالله لتنصفنني من حقي أو لآخذن سيفي ثم لأقومن في مسجد رسول الله ثم لأدعون بحلف الفضول. » وناصره عبد الله بن الزبير والمسور بن مخرمة بن نوفل الزهري وعبد الرحمن بن عثمان التيمي. وهذا الحديث رواه صاحب الأغاني بتعديل طفيف؛ وهو أن الظالم للحسين كان معاوية نفسه! حلف الفضول - سبب تسمية حلف الفضول - لماذا سمي خلف الفضول ملف المطيبين - معلومة. وقد هددوه بالصيلم وحلف الفضول! فقال معاوية بدهائه الشهير: «لا حاجة لنا بالصيلم ٥ ولا بحلف الفضول. » وأنصف الحسين مرغمًا! ومجمل القول في هذا الحلف أنه كان نوعًا من الشرطة المتطوعة في صالح الجماعة، وقد تم والنبي ﷺ في العشرين من عمره في شهر ذي القعدة عام ٣٣ق.
عاش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مكة المكرمة طفولته وشبابه، وله فيها ذكريات عزيزة، وحِلْف الفضول وما يتضمنه من مكارم الشيم وعظيم الأخلاق من هذه الذكريات التي ملكت عليه قلبه، حتى أنه ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ قال بعد أن أكرمه الله بالنبوة والرسالة: ( لقد شهدت مع عمومتي حلفا في دار عبد الله بن جدعان، ما أحبّ أن لي به حمر النعم) رواه أحمد.
- الاكثر زيارة مباريات اليوم