masonicoutreachservices.biz

masonicoutreachservices.biz

جعلنا من خلفهم سدا

Monday, 29-Jul-24 20:23:43 UTC

فلما دنا من النبي - صلى الله عليه وسلم - طمس الله على بصره فلم ير النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فرجع إلى أصحابه فلم يبصرهم حتى نادوه ، فهذا معنى الآية. وقال محمد بن إسحاق في روايته: جلس عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، وأبو جهل وأمية بن خلف ، يرصدون النبي - صلى الله عليه وسلم - ليبلغوا من أذاه ، فخرج عليهم - عليه السلام - وهو يقرأ ( يس) وفي يده تراب فرماهم به وقرأ: وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأطرقوا حتى مر عليهم عليه السلام. وقد مضى هذا في سورة ( سبحان) ومضى في ( الكهف) الكلام في " سدا " بضم السين وفتحها ، وهما لغتان. وقال الضحاك: وجعلنا من بين أيديهم سدا أي: الدنيا ، ومن خلفهم سدا أي: الآخرة ، أي: عموا عن البعث وعموا عن قبول الشرائع في الدنيا ، قال الله تعالى: وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم أي: زينوا لهم الدنيا ودعوهم إلى التكذيب بالآخرة. وقيل: على هذا من بين أيديهم سدا أي: غرورا بالدنيا ، ومن خلفهم سدا أي: تكذيبا بالآخرة. وقيل: من بين أيديهم الآخرة ومن خلفهم الدنيا. فأغشيناهم أي: غطينا أبصارهم ، وقد مضى في أول [ البقرة]. وقرأ ابن عباس وعكرمة ويحيى بن يعمر " فأعشيناهم " بالعين غير معجمة ، من العشاء في العين ، وهو ضعف بصرها حتى لا تبصر بالليل.

القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة يس - الآية 9

( وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون) وعلى هذا فقوله تعالى: ( وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون). يكون متمما لمعنى جعل الله إياهم مغلولين ؛ لأن قوله: ( وجعلنا من بين أيديهم سدا) إشارة إلى أنهم لا ينتهجون سبيل الرشاد ، فكأنه قال: لا يبصرون الحق فينقادون له لمكان السد ، ولا ينقادون لك فيبصرون الحق فينقادون له لمكان الغل والإيمان المورث للإيقان. إما باتباع الرسول أولا فتلوح له الحقائق ثانيا ، وإما بظهور الأمور أولا واتباع الرسول ثانيا ، ولا يتبعون الرسول أولا ؛ لأنهم مغلولون فلا يظهر لهم الحق من الرسول ثانيا ، ولا يظهر لهم الحق أولا لأنهم واقعون في السد فلا يتبعون الرسول ثانيا.

وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا، جملة شريفة حيرت علماء القرآن وتحمل في طياتها معجزات - Youtube

الثاني: هو أن الإنسان مبدؤه من الله ومصيره إليه ، فعمى الكافر لا يبصر ما بين يديه من المصير إلى الله ولا ما خلفه من الدخول في الوجود بخلق الله. الثالث: هو أن السالك إذا لم يكن له بد من سلوك طريق ، فإن انسد الطريق الذي قدامه يفوته المقصد ولكنه يرجع ، وإذا انسد الطريق من خلفه ومن قدامه فالموضع الذي هو فيه لا يكون موضع إقامة لأنه مهلك فقوله: ( وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم) إشارة إلى إهلاكهم. المسألة الثانية: قوله تعالى: ( فأغشيناهم) بحرف الفاء يقتضي أن يكون للإغشاء بالسد تعلق ويكون الإغشاء مرتبا على جعل السد ، فكيف ذلك ؟ فنقول: ذلك من وجهين: أحدهما: أن يكون ذلك بيانا لأمور مترتبة يكون بعضها سببا للبعض ، فكأنه تعالى قال: ( إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا) فلا يبصرون أنفسهم لإقماحهم ( وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا) فلا يبصرون ما في الآفاق ، وحينئذ يمكن أن يروا السماء وما على يمينهم وشمالهم ، فقال بعد هذا كله: ( وعلى أبصارهم غشاوة) ( البقرة: 7) فلا يبصرون شيئا أصلا. وثانيهما: هو أن ذلك بيان لكون السد قريبا منهم بحيث يصير ذلك كالغشاوة على أبصارهم ، فإن من جعل من خلفه ومن قدامه سدين ملتزقين به بحيث يبقى بينهما ملتزقا بهما تبقى عينه على سطح السد فلا يبصر شيئا أما غير السد فللحجاب ، وأما عين السد فلكون شرط المرئي أن لا يكون قريبا من العين جدا.

وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون . [ يس: 9]

وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا، جملة شريفة حيرت علماء القرآن وتحمل في طياتها معجزات - YouTube

ثانيًا: تضمنت الآيات بحسب ما ورد في سبب نزولها المحاولات المتكررة من صناديد قريش إلحاق الأذى الجسدي بالنبي صلى الله عليه وسلم، بل كان قصدهم قتله والتخلص منه. رأينا في قصة النزول كيف أدخل الله الرعبَ على قلب أبي جهل، ورجعت يده إلى عنقه، ورأينا كيف أعمى الله تعالى بصر الوليد بن المغيرة، فجعل يسمع صوت النبي صلى الله عليه وسلم ولا يراه، وأما الرجل فقد أدخل الله الرعب على قلبه، وأراه أمرًا مهولًا حتى قال: "رأيت الرجل فلما دنوت منه، وإذا فحل يخطر بذنبه، ما رأيت فحلًا قط أعظم منه، حال بيني وبينه، فواللات والعزى لو دنوت منه لأكلني". هذا كله من حماية الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم، ودفاعه عنه بفعله تعالى، وكيف لا يكون ذلك وهو الذي يقوم بأعباء الرسالة، وهداية البشرية إلى الصراط المستقيم.